للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمَّا بالنِّسبةِ لِلفَجرِ فذَهب الأئمَّةُ الثَّلاثةُ مالِكٌ والشافِعيُّ وأحمدُ وأبو يُوسفَ من الحَنفيَّةِ إلى أنَّه يَجوزُ الأذانُ لِلفَجرِ قبلَ الوقتِ، في النِّصفِ الأَخيرِ من اللَّيلِ عندَ الشَّافعيَّةِ في الأصَحِّ وعندَ الحَنابلَةِ وأبي يُوسفَ، وفي السُّدسِ الأخيرِ عندَ المالِكيَّةِ.

ويُسنُّ الأذانُ ثَانيًا عندَ دُخولِ الوقتِ؛ لقولِ النَّبيِّ : «إِنَّ بِلَالًا يُؤذِّنُ بِلَيلٍ، فَكُلُوا وَاشرَبُوا حتى يُؤذِّنَ ابنُ أُمِّ مَكتُومٍ» (١).

وهَذا يَدلُّ على دَوامِ ذلك منه، والنَّبيُّ أقرَّهُ عليه ولم يَنهَهُ عنه؛ فثَبتَ جَوازُه.

وقالَ أبو حَنيفةَ ومحمَّدُ بنُ الحَسنِ: لا يَجوزُ الأذانُ لِصَلاةِ الفَجرِ إلا عندَ دُخولِ الوقتِ، ولا فَرقَ بينَها وبينَ غيرِها من الصَّلواتِ؛ لِما رَوى ابنُ عمرَ: «أَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ قبلَ طُلُوعِ الفَجرِ، فَأَمرَهُ النَّبيُّ أَنْ يَرجِعَ فَيُنَادِيَ: أَلَا إنَّ العَبدَ نَامَ، أَلَا إنَّ العَبدَ نَامَ» (٢).

وعن بِلالٍ أنَّ رَسولَ اللهِ قالَ له: «لَا تُؤَذِّن حتى يَستَبينَ لَكَ الفَجرُ هكذا» وَمَدَّ يَديهِ عَرضًا (٣).

وعن الإمامِ أحمدَ رِوايةٌ: أنَّه يُكرَه الأذانُ قبلَ الفَجرِ في شَهرِ رَمضانَ لئلَّا يَغترَّ النَّاسُ به فيترُكوا سُحورَهم.


(١) رواه البخاري (٦٢٠)، ومسلم (١٠٩٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٥٣٢)، والترمذي (٣٠٢)، والدارقطني (١/ ٢٤٤، ٢٤٥)، والبيهقي في «الكبرى» (١/ ٣٨٣).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٥٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>