للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الحَنفيةُ ومالكٌ في رِوايةِ ابنِ القاسِمِ عنهُ والحَنابلةُ في الصَّحيحِ إلى أنَّ مَنْ زنَى بامرأةٍ أو وَطئَها بشُبهةٍ حرمَتْ عليهِ أصولُها وفروعُها، وتَحرمُ المَوطوءةُ على أصولِ الواطئِ وفُروعِه؛ لقولِه تعالَى: ﴿وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ مِنَ النِّسَاءِ﴾ [النساء: ٢٢]، والحَملُ على الوطءِ أَولى؛ لأنَّ النِّكاحَ حَقيقةً هو الوطءُ، أو لأنهُ أعَمُّ فكانَ الحَملُ عليهِ أَولى وأعَمَّ فائدةً، فيصيرُ معنَى الآيةِ: (ولا تَطؤُوا ما وَطئَ آباؤُكُم مُطلَقًا)، فيَدخلُ فيهِ النِّكاحُ والسِّفاحُ (١).

وذهَبَ الإمامُ مالكٌ في المَشهورِ عنهُ والشَّافعيةُ والحَنابلةُ في قولٍ إلى أنَّ مَنْ زنَى بامرأةٍ لا تَحرمُ على أصولِه وفُروعِه؛ وأنَّ الحرامَ لا يُحرمُ الحلالَ؛ لأنهُ لمَّا ارتَفعَ الصَّداقُ في الزِّنا ووُجوبُ العدَّةِ والميراثُ ولُحوقُ الولدِ ووُجوبُ الحَدِّ ارتَفعَ أنْ يُحكَمَ له بحُكمِ النِّكاحِ الجائِزِ (٢).

وسيأتي مَزيدُ تَفصيلِ هذهِ المَسألةِ في المُحرَّماتِ مِنْ النِّكاحِ.


(١) «الهداية» (١/ ١٩٢)، و «الاختيار» (٣/ ١١٠)، و «الفتاوى الهندية» (١/ ٢٧٤)، و «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٢١٠)، و «فتح الباري» (٩/ ١٥٧).
(٢) «الحاوي الكبير» (٩/ ٧، ٢١٤)، و «شرح صحيح البخاري» (٧/ ٢١٠)، و «الاستذكار» (٥/ ٤٦٣، ٤٦٤)، و «الفروق» (٣/ ٢١٢)، و «تفسير القرطبي» (٥/ ١١٥)، و «فتح الباري» (٩/ ١٥٧)، و «النجم الوهاج» (٧/ ٧)، و «مغني المحتاج» (٤/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>