للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ المالِكيةُ: لا تَسقُطُ شُفعتُه؛ لمَا رُويَ عن النَّبيِّ من حَديثِ جابِرٍ أنَّه قالَ: «الجارُ أحَقُّ بصَقَبِه -أو قالَ بشُفعتِه- ينتَظرُ بها إذا كانَ غائِبًا»، وأيضًا فإنَّ الغائِبَ في الأكثَرِ مُعوَّقٌ عن الأخْذِ بالشُّفعةِ فوجَبَ عُذرُه (١).

وذهَبَ جُمهورُ الفُقهاءِ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّ الشَّفيعَ إذا كانَ غائِبًا عن بَلدِ المُشتَري وعلِمَ بالشُّفعةِ فليُشهِدْ على الطَّلبِ أو فليُوكِّلْ إنْ قدِرَ، فإنْ ترَكَ الإِشهادَ أو التَّوكيلَ حينَ العِلمِ مع قُدرتِه عليه بطَلَ حَقُّه.

وفي مُقابِلِ الأظهَرِ عندَ الشافِعيةِ وهو قَولٌ للحَنابِلةِ: لا يَبطُلُ حَقُّه (٢).

قالَ الحَنفيةُ: إنْ كانَ الشَّفيعُ حين علِمَ بالبَيعِ غائِبًا عن البَلدِ فإنْ أشهَدَ حينَ علِمَ أو وكَّلَ من يأخُذُ له بالشُّفعِة فهو على شُفعتِه، وإنْ علِمَه ولم يُشهِدْ ولم يُوكِّلْ حينَ بلَغَه ذلك مع قُدرتِه عليه وسكَتَ ساعةً بطَلَت شُفعتُه؛ لأنَّ الغائِبَ يَقدِرُ على الطَّلبِ كما يَقدِرُ عليه الحاضِرُ، وإنْ أخبَرَ بكِتابٍ والشُّفعةُ في أوَّلِه أو وَسَطِه وقَرَأ الكِتابَ إلى آخِرِه قبلَ الطَّلبِ بطَلَت شُفعتُه، على هذا عامَّةُ المَشايخِ وهذا على اعتِبارِ الفَورِ.

وعن مُحمدٍ: له مَجلِسُ العِلمِ (٣).


(١) «الاستذكار» (٧/ ٧٣)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٨).
(٢) «النجم الوهاج» (٥/ ٢٤٨، ٢٤٩)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٣٨)، و «المغني» (٥/ ١٩٠، ١٩١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٦٢)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٨٧، ٣٨٨).
(٣) «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٨٧، ٣٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>