للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُشتَري بالعَقدِ نَفسِه فهل يَستحِقُّ الشَّفيعُ الأخْذَ بالشُّفعةِ قبلَ انقِضاءِ الخيارِ؟ فيه قَولانِ:

أَحدُهما: لا يَستحِقُّ، وهو اختِيارُ أَبي إِسحاقَ المَروَزيِّ؛ لأنَّه بَيعٌ فيه خيارٌ، فلم يَستَحقَّ الشَّفيعُ الأخْذَ قبلَ انقِضاءِ الخيارِ، كما لو كانَ الخيارُ للبائِعِ، ولأنَّ المُشتَريَ شرَطَ الخيارَ لغَرضٍ قصَدَه، وفي أخْذِ الشَّفيعِ قَبلَ انقِضاءِ الخيارِ تَفويتٌ لغَرضِ المُشتَري، فلم يَجُزْ.

والثاني -وهو اختيارُ الشَّيخَينِ: أَبي حامِدٍ، وأَبي إِسحاقَ-: أنَّه يَستحِقُّ؛ لأنَّه إذا ملَكَ الأخْذَ بعدَ استِقرارِ حَقِّ المُشتَري بانقِضاءِ الخيارِ فلَأنْ يَملِكَ قبلَ ذلك أوْلى، ولأنَّ المُشتَريَ لو وجَدَ بالشِّقصِ عَيبًا فأَرادَ رَدَّه كانَ للشَّفيعِ أنْ يَأخُذَه، ويُبطِلَ ما ثبَتَ للمُشتَري من الرَّدِّ، فكذلك هذا مِثلُه.

وإنْ كانَ بينَ رَجلَينِ دارٌ، فباعَ أَحدُهما نَصيبَه فيه بشَرطِ الخيارِ له وللمُشتَري، أو له وَحدَه، ثم باعَ الشَّريكُ الثانِي نَصيبَه منها بغيرِ خيارٍ قبلَ انقِضاءِ الخيارِ في البَيعِ الأولِ لم يَكُنْ للبائِعِ الثانِي شُفعةٌ؛ لأنَّ مِلكَه قد زالَ، ولا تَثبُتُ للمُشتَري فيه شُفعةٌ أيضًا؛ لأنَّه ملَكَه بعدَ البَيعِ الأولِ، ولمَن تَثبُتُ الشُّفعةُ في الشِّقصِ الثاني؟ يُبنَى على الأَقوالِ: إلى مَنْ يَنتقِلُ المَبيعُ في حالِ الخيارِ؟

فإنْ قُلنا: إنَّ المِلكَ فيه للبائِعِ كانَت الشُّفعةُ فيه للبائِعِ؛ لأنَّ مِلكَ الشِّقصِ له في هذه الحالةِ.

فعلى هذا: إذا انقَضى الخيارُ ولم يُفسَخِ العَقدُ فإنَّ الشِّقصَ المَبيعَ أولًا لمُشتَريه، وإنَّ الشِّقصَ المَبيعَ ثانيًا لبائِعِ الشِّقصِ الأولِ؛ لأنَّه مِلكٌ أخَذَه بالبَيعِ الثاني، فلا يَسقطُ بعدَ ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>