للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المَبيعِ، وخيارُه يَمنعُ زَوالَ المَبيعِ عن مِلكِه، إلا أنْ يُسقِطَ البائِعُ الخيارَ.

قالَ الإِمامُ ابنُ رُشدٍ : واتَّفقَ العُلماءُ على أنَّ المَبيعَ الذي بالخيارِ أنَّه إذا كانَ الخيارُ فيه للبائِعِ أنَّ الشُّفعةَ لا تَجبُ حتى يَجبَ البَيعُ (١).

إلا أنَّ الفُقهاءَ اختَلَفوا فيما لو كانَ الخيارُ للمُشتَري وَحدَه، هل تَثبُتُ الشُّفعةُ أو لا بدَّ من وُجوبِ البَيعِ؟

فذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأظهَرِ والحَنابِلةُ في المَذهبِ إلى أنَّه لا تَثبُتُ الشُّفعةُ قبلَ انقِضاءِ مُدةِ الخيارِ وقبلَ إِبرامِ العَقدِ؛ لأنَّه مَبيعٌ فيه الخيارُ فلم تَثبُتْ فيه الشُّفعةُ، كما لو كانَ الخيارُ للبائعِ، ولأنَّ العَقدَ لا يَتمُّ ما دامَ الخيارُ باقيًا، والشُّفعةُ إنَّما تَجبُ بعدَ تَمامِ البَيعِ، ولأنَّ أَحكامَ العَقدِ المُتضمِّنِ للخيارِ لا تَختلِفُ بكَونِه للبائِعِ أو للمُشتَري، بدَليلِ أنَّه لا يَستحِقُّ فيه النَّقدَ ولا يُمكنُ التَّصرفُ في أَحدِهما بغيرِ الاختِيارِ، وكذلك الشُّفعةُ.

ولأنَّ في الأخْذِ إِلزامَ المُشتَري بالعَقدِ قبلَ رِضاه بالتِزامِه وإِيجابِ العُهدةِ عليه وتَفويتِ حَقِّه من الرُّجوعِ في عَينِ الثَّمنِ (٢).

وذهَبَ الحَنفيةُ والشافِعيةُ في الأظهَرِ والحَنابِلةُ في تَخريجٍ إلى أنَّ


(١) «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٥).
(٢) «المعونة» (٢/ ٢٣٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٥٥)، رقم (١٠٠٩)، و «بداية المجتهد» (٢/ ١٩٥)، و «الذخيرة» (٧/ ٣٠٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٣٦٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٧٠)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢٢٤)، و «تحبير المختصر» (٤٤٤٤)، و «المغني» (٥/ ١٨٣، ١٨٤)، و «الكافي» (٢/ ٤٣٤)، و «المبدع» (٥/ ٢٢٩)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٠٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>