للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عنه ضَررَ الشَّريكِ الدَّخيلِ أوْلى، وهو يأخُذُ منه الثَّمنَ الذي يأخُذُه من الشَّريكِ ولا يَفوتُ عليه شَيءٌ.

فهذا مَحضُ قياسِ الأُصولِ، ولكنَّ هذا حَقٌّ للمُسلمِ على المُسلمِ، فلا حَقَّ للذِّميِّ فيه كسائِرِ الحُقوقِ التي لأهلِ الإِسلامِ بعضِهم على بعضٍ، وإذا كانَ كَثيرٌ من الفُقهاءِ يَمنَعونَ الذِّميَّ من التَّملُّكِ بالإِحياءِ كعبدِ اللهِ بنِ المُبارَكِ والشافِعيِّ وأَحمدَ في رِوايةٍ وكَثيرٍ من المالِكيةِ -مع أنَّ الإِحياءَ لا يَتضمَّنُ انتِزاعَ مِلكِ مُسلمٍ منه- فلَأنْ يُمنعَ من انتِزاعِ أرضِ المُسلمِ وعَقارِه منه قَهرًا أَولى وأَحرى.

وأيضًا: فإذا مُنعَ من مُشاركةِ المُسلمِ في تَجديدِ المِلكِ فيما هو مُشتَركٌ وفيه عِمارةٌ لدارِ الإِسلامِ فأحرى أنْ يُمنعَ من انتِزاعِ عَقارٍ ثَبَت عليه مِلكُ المُسلمِ واختَصَّ به، فإنَّ إِزالةَ المِلكِ الخاصِّ وانتِزاعَه من المُسلمِ قَهرًا أشَدُّ ضَررًا من المُشاركةِ فيما هو مُشتَركٌ بينَ العُمومِ.

وليسَ مع المُوجِبينَ للشُّفعةِ نَصٌّ من كِتابِ اللهِ ولا من سُنةِ رَسولِ اللهِ ولا من إِجماعِ الأُمةِ، وغايةُ ما معهم إِطلاقاتٌ وعُموماتٌ، كقَولِه: «قَضى رَسولُ اللهِ فيما لم يُقسَمْ»، وقَولِه: «مَنْ كانَ له شَريكٌ في رَبعةٍ أو حائِطٍ فلا يَحلُّ أنْ يَبيعَ حتى يُؤذِنَ شَريكَه»، ونَحوِ ذلك ممَّا لا يُعرَضُ فيه للمُستحِقِّ، وإنَّما سِيقَت لأَحكامِ الأَملاكِ لا لعُمومِ الأَملاكِ من أهلِ المِلةِ وغيرِها.

<<  <  ج: ص:  >  >>