للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنَّه قالَ: «الجارُ أحَقُّ بشُفعةِ جارِه، يُنتظَرُ بها، وإنْ كانَ غائِبًا، إذا كانَ طَريقُهما واحِدًا» (١)، وهذا نَصٌّ في البابِ.

وعنِ ابنِ عَباسٍ عن النَّبيِّ قالَ: «مَنْ كانَت له أرضٌ، فأَرادَ بَيعَها فليَعرِضْها على جارِه» (٢).

وعن سَمُرةَ عن النَّبيِّ قالَ: «جارُ الدارِ أحَقُّ بدارِ الجارِ أو الأرضِ» (٣).

ولأنَّه مُتصلٌ بالبَيعِ فجازَ أنْ تُستحَقَّ به الشُّفعةُ كالخُلطةِ، ولأنَّ الشُّفعةَ إنَّما وجَبَت تَخوُّفًا من سُوءِ عِشرةِ الداخِلِ عليه، وهذا قد يُوجدُ في الدارِ كوُجودِه في الخَليطِ، فاقتَضَى أنْ تَجبَ الشُّفعةُ للجارِ كوُجوبِها للخَليطِ.

ولأنَّ حَقَّ الأَصيلِ -وهو الجارُ- أسبَقُ من حَقِّ الدَّخيلِ، وكلُّ مَعنًى اقتَضى ثُبوتَ الشُّفعةِ للشَّريكِ فمِثلُه في حَقِّ الجارِ، فإنَّ الناسَ يَتفاوَتونَ في الجِوارِ تَفاوُتًا فاحِشًا، ويَتأذَّى بَعضُهم ببَعضٍ، ويَقعُ بينَهم من العَداوةِ ما هو مَعهودٌ، والضَّررُ بذلك دائِمٌ مُتأبِّدٌ، ولا يَندفِعُ ذلك إلا برِضا الجارِ، إنْ شاءَ أقَرَّ الدَّخيلَ على جِوارِه له وإنْ شاءَ انتزَعَ المِلكَ بثَمنِه واستَراحَ من مُؤنةِ المُجاورةِ ومَفسَدتِها.


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥١٨)، وابن ماجه (٢٤٩٤)، وأَحمد (١٤٢٩٢).
(٢) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه ابن ماجه (٢٤٩٣).
(٣) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٣٥١٧)، والترمذي (١٣٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>