للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ الحَنفيةُ والإِمامُ مالِكٌ في رِوايةٍ ثانيةٍ عنه والشافِعيةُ في مُقابِلِ الأصَحِّ والحَنابِلةُ في رِوايةٍ إلى أنَّ الشُّفعةَ تَثبُتُ فيما يُقسَمُ كالدُّورِ والحَوانيتِ والقُرى وما لا يُقسَمُ كالحَمَّامِ الصَّغيرِ والبِئرِ والرَّحى؛ لأنَّها وُضِعت لإِزالةِ الضَّررِ، ووُجودُه فيما لا يُقسَمُ أبلَغُ منه فيما يُقسَمُ، ولأنَّ النُّصوصَ المُوجِبةَ للشُّفعةِ لم تُفصَّلْ، فعَن جابِرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: «الشُّفعةُ في كلِّ شِركٍ في أرضٍ، أو رَبعٍ، أو حائِطٍ، لا يَصلُحُ أنْ يَبيعَ حتى يَعرِضَ على شَريكِه، فيأخُذَ أو يَدعَ، فإنْ أبَى فشَريكُه أحَقُّ به حتى يُؤذِنَه» (١)، إلى غيرِ ذلك من العُموماتِ، ولأنَّ الشُّفعةَ سَببُها الاتِّصالُ في المِلكِ، والحِكمةُ دَفعُ ضَررِ سُوءِ الجِوارِ، وأنَّه يَنتظِمُ القِسمَينِ، ما يُقسَمُ وما لا يُقسَمُ، والضَّررُ فيما لا يُقسَمُ أبلَغُ منه فيما يُقسَمُ؛ لأنَّه يَتأبَّدُ ضَررُه فتَجوزُ الشُّفعةُ فيه؛ لأنَّ العِلةَ هي دَفعُ ضَررِ الشَّركةِ فيما يَدومُ، وكلٌّ من الضَّررَينِ حاصِلٌ قبلَ البَيعِ، ومن حَقِّ الراغِبِ فيه من الشَّريكَينِ أنْ يُخلِّصَ صاحِبَه منهما بالبَيعِ له، فإذا باعَ لغيرِه سلَّطَه الشَّرعُ على أخذِه منه: «قَضى رَسولُ اللهِ بالشُّفعةِ في كلِّ شَركةٍ لم تُقسَّمْ، رَبعةٍ أو حائِطٍ، لا يَحلُّ له أنْ يَبيعَ حتى يُؤذِنَ شَريكَه، فإنْ شاءَ أخَذَ وإنْ شاءَ ترَكَ، فإذا باعَ ولم يُؤذِنْه فهو أحَقُّ به» (٢) (٣).


(١) أخرجه مسلم (١٦٠٨).
(٢) أخرجه البخاري (٢١٣٨)، ومسلم (١٦٠٨).
(٣) «الهداية» (٤/ ٣٤)، و «العناية» (١٣/ ٤٨٣)، و «الجوهرة النيرة» (٣/ ٣٩١)، و «الاختيار» (٢/ ٥١)، و «اللباب» (١/ ٥٠٦)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١٤٩، ١٥٠)، رقم (١٠٠٢)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٣٥١، ٣٥٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٦٤، ١٦٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٢١٣، ٢١٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٤٣٣)، و «الحاوي الكبير» (٧/ ٢٣٣)، و «البيان» (٧/ ١٠٣، ١٠٤)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٢٢٥)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٣٢١، ٣٢٢)، و «الديباج» (٢/ ٤١٢)، و «المغني» (٥/ ١٨١)، و «شرح الزركشي» (٢/ ١٦٦)، و «المبدع» (٥/ ٢٠٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>