أنْ يَحصُلَ من ذلك شَيئانِ كالبِئرِ تَنقسِمَ بِئرَينِ يَرتَقي الماءُ منهما وجَبَت الشُّفعةُ، وكذلك إنْ كانَ مع البِئرِ بَياضُ أرضٍ بحيث تَحصُلُ البِئرُ في أحدِ النَّصيبَينِ وجَبَت الشُّفعةُ أيضًا؛ لأنَّه يُمكنُ القَسمُ.
إلا أنَّ العُلماءَ اختَلَفوا فيما لا يُمكِنُ قِسمتُه أو بحيث إذا قُسِّم بطَلَت مَنفعتُه المَقصودةُ منه، كالحَمَّامِ الصَّغيرِ الذي لا تُمكِنُ قِسمتُه، وكالطَّريقِ الضَّيقِ الذي إذا قُسِّم لم يَحصُلْ منه طَريقانِ، هل تَصحُّ الشُّفعةُ فيه أو لا؟
فذهَبَ الإِمامُ مالِكٌ في رِوايةٍ عنه والشافِعيةُ في الأصَحِّ والحَنابِلةُ في ظاهِرِ المَذهبِ إلى أنَّه يُشتَرطُ أنْ يَكونَ المَبيعُ الذي تَثبُتُ فيه الشُّفعةُ ممَّا يُمكنُ قِسمتُه، فأمَّا ما لا يُمكنُ قِسمتُه من العَقارِ كالحَمَّامِ الصَّغيرِ والرَّحى الصَّغيرةِ والعِضادةِ والطَّريقِ الضَّيقةِ بحيث إذا قُسِّمت لم يُصِبْ كلُّ واحِدٍ منها طَريقًا، وكالعِراصِ الضَّيقةِ، فلا شُفعةَ في ذلك؛ لأنَّها تَبطُلُ مَنفَعتُها، فكلُّ ما لو قُسِّم بطَلَت مَنفَعتُه المَقصودةُ منه بألَّا يُنتفَعَ به بعدَ القِسمةِ من الوَجهِ الذي كانَ يُنتفَعُ به قبلَها كحَمَّامٍ ورَحًى صَغيرَينِ لا يُمكنُ تَعدُّدُهما لا شُفعةَ فيه.
وذلك لمَا رُويَ عن النَّبيِّ ﷺ أنَّه قالَ:«لا شُفعةَ في فِناءٍ ولا طَريقٍ ولا مَنقَبةٍ»(١)، والمَنقَبةُ الطَّريقُ الضَّيقُ بينَ دارَينِ لا يُمكنُ أنْ يَسلكَه أحدٌ، رَواه أَبو الخَطابِ في رُؤوسِ المَسائلِ.