قالَ الإِمامُ الكاسانِيُّ ﵀: ولو اختَلَفا في أصلِ الغَصبِ أو في جِنسِ المَغصوبِ أو نَوعِه أو قَدرِه أو صِفتِه أو قيمَتِه وَقتَ الغَصبِ فالقَولُ في ذلك كلِّه قَولُ الغاصِبِ؛ لأنَّ المَغصوبَ منه يَدَّعي عليه الضَّمانَ وهو يُنكِرُ، فكانَ القَولُ قَولَه؛ إذِ القَولُ في الشَّرعِ قَولُ المُنكِرِ (١).
وقالَ المالِكيةُ: إذا اختَلفَ الغاصِبُ والمَغصوبُ منه في قَدرِ المَغصوبِ ولم يَكُنْ لأَحدِهما بَيِّنةٌ فالقَولُ قَولُ الغاصِبِ مع يَمينِه إنْ أشبَهَ في دَعواه، سَواءٌ أشبَهَ رَبَّه أو لا، فإنْ كانَ قَولُ الغاصِبِ لم يُشبِهْ فالقَولُ لرَبِّه بيَمينِه.
قالَ الشَّيخُ أَحمدُ الصاويُّ ﵀: رُبَّما يَدخلُ في تَحالُفِهما في القَدْرِ مَسألتانِ:
الأُولى: غاصِبُ صُرةٍ ثم يُلقيها في البَحرِ مَثلًا، ولا يَدري ما فيها، فالقَولُ قَولُ الغاصِبِ بيَمينِه عندَ مالِكٍ وابنِ ناجي وعليه الفَتوَى، لإِمكانِ مَعرفةِ ما فيه بعِلمٍ سابِقٍ أو بحَبسِها.
وقالَ مُطرِّفٌ وابنُ كِنانةَ وأشهَبُ: القَولُ لرَبِّها إنِ ادَّعى ما يُشبهُ وكانَ مِثلُه يَملِكُه؛ لأنَّه ادَّعى تَحقيقًا والآخَرُ يَدَّعي تَخمينًا، وهذا ما لم يَغِبِ الغاصِبُ عليها قبلَ ذلك، وإلا فالقَولُ قَولُه بيَمينِه من غيرِ خِلافٍ.