للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَرجعُ المالِكُ على الغاصِبِ المَليءِ بالغَلَّةِ التي استغَلَّها المَوهوبُ من الشَّيءِ المَغصوبِ، ولا يَرجعُ الغاصِبُ بشَيءٍ من ذلك على المَوهوبِ له، وإذا رجَعَ عليه بغَلَّةِ مَوهوبِه فأَوْلى ما استغَلَّه هو، والرُّجوعُ على الغاصِبِ بغَلةِ مَوهوبِه مَحلُّه إذا كانَت السِّلعةُ قائِمةً أو فاتَت ولم يَختَرْ تَضمينَه القيمةَ؛ إذْ لا يَجمعُ بينَ القيمةِ والغلَّةِ.

فإنْ كانَ الغاصِبُ مُعسِرًا ولم يَقدِرْ عليه فإنَّ المُستحِقَّ يَرجعُ بالغَلَّةِ على المَوهوبِ؛ لأنَّه المُستهلِكُ لذلك، ولا يَرجعُ المَوهوبُ له على الغاصِبِ بشَيءٍ من ذلك؛ لأنَّه يَقولُ: «وهَبتُك شَيئًا»، فاستُحِقَّ، فإنْ كانا عَديمَينِ اتَّبَع أوَّلَهما يَسارًا، ومَن غُرِّمَ منهما لا يَرجعُ على صاحِبِه.

ويَرجعُ على المَوهوبِ بما استغَلَّه فقط إنْ كانَت السِّلعةُ قائِمةً أو فاتَت واختارَ أخْذَ الغَلَّةِ، وإنِ اختارَ تَضمينَه أخَذَ القيمةَ فقط، ولا شَيءَ له من الغَلَّةِ؛ لأنَّه لا يَجمعُ له بينَهما (١).

وقالَ القَرافيُّ : إذا وهَبَ الغاصِبُ لكَ طَعامًا أو إِدامًا فأكَلتَه أو ثَوبًا فلبِستَه حتى أبلَيتَه رجَعَ مُستحِقُّه على الغاصِبِ المَليءِ؛ لأنَّه المُتعدِّي المُسلَّطُ، وإنْ كانَ مُعدِمًا أو مَعجوزًا عنه فعليكَ؛ لأنَّك المُنتفِعُ بمالِه، ولا تَرجعُ أنتَ على الواهِبِ بشَيءٍ لعَدمِ انتِفاعِه وانتِفاعِك، وكذلك لو أعارَك الغاصِبُ فنقَصَت بلُبسِك لا تَرجعُ على المُعيرِ …


(١) «التاج والإكليل» (٤/ ٣٢٥، ٣٢٧)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١٤٧، ١٤٨)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (١٨٣، ١٨٤)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٤٠٥)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ٤٢٦، ٤٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>