للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالَه، وإنْ ضمَّنَ المُودَعَ لم يَرجِعْ على الغاصِبِ؛ لأنَّه ضمِنَ بفِعلِ نَفسِه فلا يَرجعُ على أحدٍ (١).

وقالَ في «دُرر الحُكام»: مَثلًا لو أودَعَ الغاصِبُ المالَ المَغصوبَ عندَ شَخصٍ فهلَكَ ولو بلا تَعدٍّ ولا تَقصيرٍ فللمَغصوبِ منه الخيارُ، إنْ شاءَ ضمَّنَه للغاصِبِ وليسَ لهذا أنْ يَرجعَ على المُستودَعِ؛ لأنَّ الغاصِبَ بصِفتِه مالِكًا بالضَّمانِ وَقتَ الغَصبِ بطَريقِ الاستِنادِ يَكونُ كأنَّه أودَعَ مالَه، وتَكونُ أَمانةً بيَدِ المُستودَعِ ما لم تَهلِكْ بشَيءٍ أوقَعَه المُستودَعُ فيها كالتَّعدِّي والتَّقصيرِ، وفي تلك الحالةِ يَرجعُ الغاصِبُ أيضًا على المُستودَعِ، وإنْ شاءَ ضمَّنَه للمُستودَعِ، وفي هذا التَّقديرِ يَرجعُ المُستودَعُ على المُودِعِ إذا لم يَعلَمْ أنَّ المُودِعَ غاصِبٌ، وعلى تَقديرِ عِلمِه بأنَّه غاصِبٌ قالَ بعضُ الفُقهاءِ بجَوازِ رُجوعِه، وقالَ بعضٌ آخَرُ بعَدمِ جَوازِه، ويُبنَى حَقُّ تَضمينِه الغاصِبَ على المادةِ (٨٩١)، وتَضمينُه المُستودَعَ يَنجُمُ من أجلِ أخذِه المالَ المَذكورَ بدونِ رِضا مالِكِه، أي: المَغصوبِ منه (٢).

وقالَ المالِكيةُ: إذا أُودِعَ المَغصوبُ فلا ضَمانَ على المُودَعِ إلا أنْ يَتعدَّى؛ لأنَّ يَد المُودَعِ كصُندوقِه (٣).


(١) «بدائع الصنائع» (٧/ ١٤٤، ١٤٥)، و «ملتقى الأبحر» (٤٧٥)، و «حاشية ابن عابدين» (٦/ ١٨٠)، و «تنقيح الفتاوى الحامدية» (٥/ ١٥٧)، و «درر الحكام» (٢/ ٤٦٢).
(٢) «درر الحكام» (٢/ ٢٣٥).
(٣) «الذخيرة» (٨/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>