قالَ البُهوتيُّ ﵀: وسَواءٌ قُلنا بصِحةِ الشِّراءِ أو ببُطلانِه، وهذه المَسألةُ مُشكِلةٌ جِدًّا على قَواعدِ المَذهبِ؛ لأنَّ تَصرفاتِ الغاصِبِ غيرُ صَحيحةٍ، فكيف يَملِكُ المالِكُ الرِّبحَ والسِّلعَ؟ لكنَّ نُصوصَ أَحمدَ مُتَّفقةٌ على أنَّ الرِّبحَ للمالِك، فخرَّجَ الأَصحابُ ذلك على وُجوهٍ كلُّها ضَعيفةٌ، فبَناه ابنُ عَقيلٍ على صِحةِ تَصرُّفِ الغاصِبِ وتَوقُّفِه على الإِجازةِ، وتَبِعَه في «المُغني» وبَناه في «التَّلخيص» على أنَّها صَحيحةٌ لا تَتوقَّفُ على الإِجازةِ؛ لأنَّ ضَررَ الغَصبِ يَطولُ بطُولِ الزَّمانِ فيَشقُّ اعتِبارُه.
وخَصَّ ذلك بما طالَ زَمنُه، وحمَلَه القاضِي في بَعضِ كُتبِه على أنَّ الغاصِبَ اشتَرى في الذِّمةِ ثم نقَدَ فيه دَراهمَ الغَصبِ، وصرَّحَ بذلك أَحمدُ في رِوايةِ المَروَزيِّ، فيُحملُ مُطلَقُ كَلامِه على مُقيَّدِه، وحمَلَه ابنُ رَجبٍ في «فَوائد القَواعدِ» على أنَّ النُّقودَ لا تَتعيَّنُ بالتَّعيينِ، فيَصيرُ كما لو اشتَرى في ذِمتِه.
وحمَلَه في «المُبدع» على ما إذا تعذَّرَ رَدُّ المَغصوبِ إلى مالِكِه ورَدُّ الثَّمنِ إلى المُشتَري (١).
وقالَ الإِمامُ ابنُ قُدامةَ ﵀: وإذا غصَبَ أَثمانًا فاتَّجرَ بها أو عُروضًا فباعَها واتَّجرَ بثَمنِها فقالَ أَصحابُنا: الرِّبحُ للمالِك والسِّلعُ المُشتَراةُ له.
(١) «كشاف القناع» (٤/ ١٣٨)، ويُنْظَر: «المبدع» (٥/ ١٨٧)، و «الإنصاف» (٦/ ٢٠٨)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ١٦٦)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٦٢).