للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالغَصبِ فيَضمَنُه بالتَّلفِ كالأصلِ؛ لأنَّها زيادةٌ في العَينِ المَغصوبةِ فضمِنَها الغاصِبُ، كما لو طالَبَ برَدِّها فلم يَرُدَّها، ولأنَّ استِدامةَ الغَصبِ كابتِدائِه، والغاصِبُ في كلِّ حالٍ مَأمورٌ برَدِّ العَينِ المَغصوبةِ، فإذا لم يَردَّها كانَ بمَنزِلةِ المُبتدئِ للغَصبِ، فعلى هذا يَردُّ الأصلَ وأَرشَ ما نقَصَ عندَه.

فلو غصَبَ دابةً وهي تُساوي مِئةً، فسَمِنت في يَدِه، وبلَغَت قيمَتُها ألفًا ثم هزَلَت، وعادَت إلى مِئةٍ، لزِمَه رَدُّها، ويَردُّ معها تِسعَمِئةٍ، لأَجلِ نَقصِ السِّمَنِ.

وأمَّا إنْ غصَبَها وهي تُساوي مِئةً ثم زادَ السِّعرُ فأصبَحَت تُساوي ألفًا، ثم نقَصَ السِّعرُ فصارَت تُساوي مِئةً فلا يَلزمُه شَيءٌ إلا أنْ تَتلَفَ أو تَموتَ فيَلزمَه أَقصى القيمةِ عندَ الشافِعيةِ كما تقدَّمَ (١).

وذهَبَ الحَنفيةُ والمالِكيةُ إلى أنَّ زَوائدَ المَغصوبِ المُتصلةَ كالسِّمَنِ والجَمالِ وتَعليمِ صَنعةٍ غيرِ مَضمونةٍ على الغاصِبِ، وهي أَمانةٌ في يَدِه إنْ تلِفَت من غيرِ تَعدٍّ ولا تَفريطٍ فلا ضَمانَ عليه، إلا أنْ يُطالَبَ برَدِّها فيَمتنِعَ من رَدِّها.

قالَ الحَنفيةُ: زَوائدُ الغَصبِ ومَنافِعُه المُتَّصلةُ كالسِّمَنِ والجَمالِ أَمانةٌ في يَدِ الغاصِبِ، إنْ هلَكَت فلا ضَمانَ عليه إلا إذا تَعدَّى في الزِّيادةِ بأنْ أتلَفَها


(١) «البيان» (٧/ ٣١، ٣٣)، و «الشرح الكبير» للرافعي (٥/ ٤٠٤)، و «روضة الطالبين» (٣/ ٦٥٧)، و «المغني» (٥/ ١٥١)، و «المبدع» (٥/ ١٦٨)، و «الإنصاف» (٦/ ١٦٠)، و «كشاف القناع» (٤/ ١١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>