للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تُؤدِّيَه» (١)، ولأنَّ حَقَّ المَغصوبِ منه مُعلَّقٌ بعَينِ مالِه وماليَّتِه، ولا يَتحقَّقُ ذلك إلا برَدِّه (٢).

وقالَ أيضًا: المَغصوبُ متى كانَ باقيًا وجَبَ رَدُّه لقَولِ رَسولِ اللهِ : «على اليَدِ ما أخَذَت حتى تَرُدَّه» رَواه أبو داودَ وابنُ ماجَه والتِّرمذيُّ، وقالَ: الحَديثُ حَسنٌ، ورَوى عبدُ اللهِ بنُ السائِبِ بنِ يَزيدَ عن أَبيه عن جَدِّه أنَّ النَّبيَّ قالَ: «لا يَأخُذْ أَحدُكم مَتاعَ صاحِبِه لاعِبًا أو جادًّا، ومَن أخَذَ عَصا أَخيه فليَرُدَّها» رَواه أَبو داودَ، يَعني أنَّه يَقصدُ المَزحَ مع صاحِبِه بأخْذِ مَتاعِه وهو جادٌّ في إِدخالِ الغَمِّ والغَيظِ عليه، ولأنَّه أَزالَ يَدَ المالِكِ عن مِلكِه بغيرِ حَقٍّ فلزِمَه إِعادتُها.

وأجمَعَ العُلماءُ على وُجوبِ رَدِّ المَغصوبِ إذا كانَ باقيًا بحالِه لم يَتغيَّرْ ولم يَشتغِلْ بغيرِه، فإنْ غصَبَ شَيئًا فبَعَّدَه لزِمَه رَدُّه، وإنْ غرِمَ عليه أَضعافَ قيمَتِه؛ لأنَّه جَنى بتَبعيدِه فكانَ ضَررُ ذلك عليه (٣).

وقالَ الإِمامُ ابنُ القَطانِ الفاسيُّ : واتَّفقَ الجَميعُ على أنَّ على الغاصِبِ رَدَّ ما في يَدِه لغيرِه إذا كانَ بحالتِه لم يَنتقِصْ عن هَيئتِه بنَقصٍ دخَلَه (٤).


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: تقدَّمَ.
(٢) «المغني» (٥/ ١٣٩)، ويُنْظَر: «بدائع الصنائع» (٧/ ١٤٨)، و «المعونة» (٢/ ١٨٩)، و «البيان» (٧/ ١٠، ١١)، و «النجم الوهاج» (٥/ ١٧١)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٢٨٩)، و «شرح الزركشي» (٢/ ٢٨٢).
(٣) «المغني» (٥/ ١٦٣).
(٤) «الإقناع في مسائل الإجماع» (٣/ ١٥٨٨)، رقم (٣١٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>