للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإِمامُ أبو جَعفرٍ الطَّبريُّ : أجمَعَ جَميعُ الخاصةِ والعامةِ على أنَّ اللهَ ﷿ حرَّمَ أخْذَ مالِ امرِئٍ مُسلمٍ أو مُعاهَدٍ بغيرِ حَقٍّ إذا كانَ المَأخوذُ منه مالُه غيرَ طَيِّبِ النَّفسِ بأنْ يُؤخذَ منه ما أُخذَ.

وأَجمَعوا جَميعًا على أنَّ آخِذَه على السَّبيلِ التي وَصَفنا بفِعلِه آثِمٌ، وبأخْذِه ظالِمٌ، وأَجمَعت الحُجةُ التي وَصَفناها جَميعًا على أنَّ آخِذَه على السَّبيلِ التي وَصَفنا إنْ كانَ أخَذَه من حِرزٍ مُستَخفيًا بأخْذِه وبلَغَ المَأخوذُ ما يَجبُ فيه القَطعُ يُسمَّى بما أخَذَ سارِقًا، وإنْ كانَ أخَذَه مُكابَرةً من صاحِبِه في صَحراءَ يُسمَّى مُحارِبًا، وإنْ أخَذَ ما أخَذَ على السَّبيلِ التي وَصَفنا اختِلاسًا من يَدِ صاحِبِه يُسمَّى مُختلِسًا، وإنْ أخَذَه على هذه السَّبيلِ ممَّا كانَ مُؤتَمنًا عليه يُسمَّى خائِنًا، وإنْ أخَذَه على ما ذَكَرنا قَهرًا للمَأخوذِ منه وقَسرًا بغَلبةِ مِلكٍ أو فَضلِ قُوةٍ يُسمَّى غاصِبًا (١).

وقالَ الإِمامُ ابنُ القَيمِ : فَصلٌ: الفَرقُ بينَ السارِقِ وبينَ المُختلِسِ والمُنتهِبِ والغاصِبِ …

وأمَّا قَطعُ يَدِ السارِقِ في ثَلاثةِ دَراهمَ وتَركُ قَطعِ المُختلِسِ والمُنتهِبِ والغاصِبِ فمِن تَمامِ حِكمةِ الشارِعِ أيضًا، فإنَّ السارِقَ لا يُمكنُ الاحتِرازُ منه، فإنَّه يَنقُبُ الدُّورَ ويَهتِكُ الحِرزَ ويَكسِرُ القُفلَ، ولا يُمكنُ لصاحِبِ المَتاعِ الاحتِرازُ بأكثَرَ من ذلك، فلو لم يُشرَعْ قَطعُه لسرَقَ الناسُ بَعضُهم بَعضًا وعَظُمَ الضَّررُ واشتَدَّت المِحنةُ بالسُّراقِ، بخِلافِ المُنتهبِ


(١) «اختلاف الفُقهاء» ص (١٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>