وعن عَطَاءٍ الخُراسَانِيِّ: «أَنَّ أَبا الدَّردَاءِ أَتَى مَسجدَ دِمَشقَ وهُم يُصَلُّونَ العِشاءَ، وَهو يُرِيدُ المَغربَ، فَصلَّى معَهم، فَلمَّا قَضى الصَّلاةَ قامَ فَصلَّى رَكعَةً، فَجعلَ ثَلاثا لِلمَغربِ، وَرَكعتَينِ تَطوُّعًا»، وَمِنْ طَريقِ قَتادةَ رَوى هذا الخَبرَ، وَزادَ فيه: «ثم صلَّى العِشاءَ».
وعن أَنَس بنِ مَالكٍ: «فِيمَن أَتَى التَّرَاوِيحَ في شَهرِ رَمضَانَ ولَم يكن صلَّى العِشاءَ وقد بَقيَ لِلنَّاسِ رَكعتَانِ، قالَ: اجعَلهُمَا مِنْ العِشاءِ».
قالَ الإمامُ النَّوويُّ ﵀: مَذهبُنا أنَّه تَصحُّ صَلاةُ النَّفلِ خلفَ الفَرضِ، والفَرضِ خلفَ النَّفلِ، وتَصحُّ صَلاةُ فَريضةٍ خلفَ فَريضةٍ أُخرَى تُوافِقُها في العددِ، كظُهرٍ خلفَ عَصرٍ، وتَصحُّ فَريضةٌ خلفَ فَريضةٍ أكثرَ منها، وكلُّ هذا جائِزٌ بلا خِلافٍ عندَنا، ثم إذا صلَّى الظُّهرَ خلفَ الصُّبحِ وسلَّم الإمامُ قامَ المَأمومُ لِإتمامِ صَلاتِه، وحكمُه كحُكمِ المَسبوقِ. ولو صلَّى الظُّهرَ خلفَ المَغربِ جازَ باتِّفاقٍ، ويَتخيَّرُ إذا جلسَ الإمامُ في التشهُّدِ الأخيرِ بينَ مُفارقَتِه لِإتمامِ ما عليه، وبينَ الاستِمرارِ معه حتى يسلِّمَ الإمامُ ثم يَقومَ المَأمومُ إلى رَكعَتِه، والاستِمرارُ أفضَلُ.
وإن كانَ عددُ رَكعاتِ المَأمومِ أقَلَّ، كمَن صلَّى الصُّبحَ خلفَ رُباعيَّةٍ، أو خلفَ المَغربِ، أو صلَّى المَغربَ خلفَ رُباعِيَّةٍ، ففيه طَريقانِ، حَكاهما الخُراسَانِيُّونَ، أصحُّهما وبه قطعَ العِراقيُّونَ: جَوازُه، كعَكسِه، والآخَرُ: حَكاه الخُراسانِيُّونَ، فيه قَولانِ، أصحُّهُما هذا، والآخَرُ بُطلانُه؛ لأنَّه يَدخلُ في الصَّلاةِ بنيَّةِ مُفارَقةِ الإمامِ، فإذا قُلنا بالمَذهبِ، وهو صحَّةُ الاقتِداءِ، ففرغَت صَلاةُ المَأمومِ، وقامَ الإمامُ إلى ما بَقيَ عليه فالمَأمومُ بالخيارِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.app/page/contribute