للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وأما إنْ كانَ بمِصرٍ أو قَريةٍ وخشِيَ عليه وكانوا جَماعةً ففَرضُ كِفايةٍ؛ لقَولِ اللهِ تعالَى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾ [المائدة: ٢]، وقولِه: ﴿وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (٧٧)[الحج: ٧٧]، وقولِه تعالى: ﴿وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائدة: ٣٢]، فإنَّه بإِحيائِها يَسقطُ فَرضُ الكِفايةِ عن الناسِ جَميعًا، فإِحياؤُهم بالعِصمةِ مِنْ عَذابِ اللهِ لهم.

وقالَ : «الراحِمونَ يَرحمُهم الرَّحمنُ، ارحَمُوا أَهلَ الأَرضِ يَرحَمكم مَنْ في السَّماءِ» (١)، وقالَ: «مَنْ لا يَرحمُ لَا يُرحمُ» (٢)، وقالَ: «لَا تُنزعُ الرَّحمةُ إلا مِنْ شَقيٍّ» (٣).

ولأنَّ فيه إِحياءَ نَفسِه فكانَ واجِبًا، كإِطعامِه إذا اضطَرَّ وإِنجائِه مِنْ الغَرقِ، ووُجوبُه على الكِفايةِ إذا قامَ به واحدٌ سقَطَ عن الباقينَ؛ لأنَّ بالواحِدِ يَحصلُ الغَرضُ مِنْ ذلك، فإنْ ترَكَه الجَماعةُ أَثِموا كلُّهم إذا عَلِموا فترَكُوه معَ إِمكانِ أَخذِه.

ورَوى مالكٌ عَنْ ابنِ شِهابٍ عن سُنينٍ أَبِي جَميلةَ -رَجلٌ مِنْ بَني سُلَيمٍ- أنَّه وجَدَ مَنبوذًا في زَمنِ عُمرَ بنِ الخَطابِ، قالَ: فجِئْت إِلى عُمرَ بْنِ الخَطابِ فقالَ: ما حمَلَكَ على أَخذِ هذه النَّسمةِ؟ فقالَ: وجَدْتُها ضائِعةً


(١) حَدِيثٌ صَحِيحٌ: رواه أبو داود (٤٩٤١)، والترمذي (١٩٢٤)، وأحمد (٦٤٩٤).
(٢) أخرجه البخاري (٥٦٥١)، و «مسلم» (٢٣١٨).
(٣) حَدِيثٌ حَسَنٌ: رواه أبو داود (٤٩٤٢)، والترمذي (١٩٢٣)، وابن حبان في «صحيحه» (٤٦٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>