للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ ابنُ قُدامةَ : مَسألةٌ: قالَ: (وإنْ كانَ الَّذي وجَدَ اللُّقطةَ سَفيهًا أو طِفلًا قامَ وَليُّه بتَعريفِها، فإنْ تمَّت السَّنةَ ضمَّها إلى مالِ واجِدِها).

وجُملةُ ذلك أنَّ الصَّبيَّ والمَجنونَ والسَّفيهَ إذا التَقطَ أَحدُهم لُقطةً ثبَتَت يدُه عليها؛ لعُمومِ الأَخبارِ، ولأنَّ هذا تَكسُّبٌ فصحَّ مِنه كالاصطِيادِ والاحتِطابِ، وإنْ تلِفَت في يدِه بغيرِ تَفريطٍ فلا ضمانَ عليه؛ لأنَّه أخذَ ما له أخذُهُ، وإنْ تلِفَت بتَفريطِه ضمِنَها في مالِه، وإذا علِمَ بها وَليُّه لزِمَه أَخذُها؛ لأنَّه ليسَ مِنْ أَهلِ الحِفظِ والأَمانةِ، فإنْ ترَكَها في يدِه ضمِنَها؛ لأنَّه يَلزمُه حِفظُ ما يَتعلَّقُ به حقُّ الصَّبيِّ، وهذا يَتعلَّقُ به حَقُّه، فإذا ترَكَها في يدِه كانَ مُضيِّعًا لها، وإذا أخَذَها الوَليُّ عرَّفَها؛ لأنَّ واجِدُها ليسَ مِنْ أَهلِ التَّعريفِ، فإذا انقَضَت مُدةُ التَّعريفِ دخَلَت في مِلكِ واجِدِها؛ لأنَّ سَببَ المِلكِ تمُّ شَرطُه فيثبُتُ المِلكُ له كما لو اصطادَ صَيدًا، وهذا مَذهبُ الشافِعيُّ، إلا أنَّ أَصحابَه قالُوا: إذا انقَضَت مُدةُ التَّعريفِ فكانَ الصَّبيُّ والمَجنونُ بحيثُ يُستقرَضُ لهما يَتملَّكُه لهما وإلا فلا، وقالَ بَعضُهم: يَتملَّكُه لهما بكلِّ حالٍ؛ لأنَّ الظاهِرَ عَدمُ ظُهورِ صاحِبِه فيَكونُ تَملُّكُه مَصلحةً له.

ولنا: عُمومُ الأَخبارِ، ولو جَرى هذا مَجرى الاقتِراضِ لمَا صحَّ التِقاطُ صَبيٍّ لا يَجوزُ الاقتِراضُ له؛ لأنَّه يَكونُ تَبرعًا بحِفظِ مالِ غيرِه مِنْ غيرِ فائِدةٍ.

فصلٌ: قالَ أَحمدُ في رِوايةِ العباسِ بنِ موسَى في غُلامٍ له عَشرُ سِنينَ التقَطَ لُقطةً ثُم كبِرَ: فإنْ وجَدَ صاحِبَها دفَعَها إليه، وإلا تصدَّقَ بها، قد أَمضى

<<  <  ج: ص:  >  >>