للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه فهلَكَت في يدِه وأنكَرَ المُودِعُ الوَكالةَ يَضمنُ المُودَعُ؛ لأنَّه مُتعدٍّ بالتَّسليمِ إليه، وله أنْ يُحلفَ المُودِعَ أنَّه ما وكَّله، فإذا نكَلَ برِئَت ذِمتُه، وإذا حلَفَ ضمِنَ وليسَ له أنْ يَرجعَ على الوَكيلِ؛ لأنَّ في زَعمِه أنَّ المُودِعَ ظالِمٌ في تَضمينِه إيَّاه وهو مَظلومٌ، والمَظلومُ ليسَ له أنْ يَظلمَ غيرَه، إلا إذا ضمِنَه وَقتَ الدَّفعِ له على الصِّفةِ التي ذكَرْنا في الدَّينِ، فحينَئذٍ يَرجعُ عليه، ولو دفَعَ إليه مِنْ غيرِ تَصديقٍ له على الوِكالةِ رجَعَ عليه مُطلقًا، ولو كانَت العَينُ باقِيةً أخَذَها في الصُّورِ كلِّها؛ لأنَّه ملَكَها بأداءِ الضَّمانِ، ولو أرادَ أنْ يَستردَّها منه بعدَما دفَعَها إليه لا يَملكُ ذلك؛ لأنَّه ساعٍ في نَقضِ ما تمَّ مِنْ جِهتِه (١).

وأما المالِكيةُ فقالوا: مَنْ أودَعَ وَديعةً عندَ شَخصٍ ثُم ادَّعى المُودَعُ أنَّه دفَعَها إلى وَكيلِ ربِّ الوَديعةِ أو رَسولِه وكذَّبَه المالِكُ فلا يُقبلُ قَولُ المُودَعِ في ذلك إلا أنْ تَقومَ بَينةٌ أنَّ ربَّ الوَديعةِ أمَرَه بالدَّفعِ إلى الوَكيلِ أو الرَّسولِ، ويَحلفُ ربُّها أنَّه ما أمَرَه بالدَّفعِ، فإنْ نكَلَ حلفَ المودَع ولا شَيءَ عليه.

قالَ ابنُ رُشدٍ : مَنْ دفَعَ الوَديعةَ إلى غيرِ اليدِ التي دفَعَتْها إليه فعليه ما على وَليِّ اليَتيمِ مِنْ الإِشهادِ، فإنْ لمْ يُشهِدْ فلا يُصدقُ في الدَّفعِ إذا أنكَرَ القابِضُ (٢).


(١) «المبسوط» (١١/ ٨)، و «الهداية» (٣/ ١٥٢)، و «العناية» (١١/ ٢٢٣)، و «تبيين الحقائق» (٤/ ٢٨٤)، و «مجمع الضمانات» (١/ ٢١٤)، و «حاشية ابن عابدين» (٨/ ٣٤١).
(٢) «مواهب الجليل» (٧/ ٢٣٧)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٧٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>