قالَ الحَنفيةُ: وللمُودَعِ حِفظُ الوَديعةِ بنَفسِه وبمَن في عيالِه مِنْ زَوجتِه ووَلدِه ووالدَيْه وأَجيرِه الخاصِّ الذي استَأجرَه مُشاهرةً أو مُسانَهةً وإنْ نُهيَ عن حِفظِها بهم؛ لأنَّ الواجِبَ عليه أنْ يَحفظَها حِفظَ مالَ نَفسِه، وهو يَحفظُه بعيالِه؛ لأنَّ المُودَعَ لا يُمكنُه مُلازمةُ بَيتِه لحِفظِ الوَديعةِ، ولا استِصحابَها معَه في خُروجِه، فلمْ يَكنْ له بدٌّ في حِفظِها بمَن في عيالِه.
ولأنَّ المُلتزَمَ بالعَقدِ هو الحِفظُ، والإِنسانُ لا يَلتزمُ بحِفظِ مالِ غيرِه عادَةً إلا بما يَحفظُ به مالَ نَفسِه، وإنَّه يَحفظُ مالَ نَفسِه بيدِه مَرةً وبيدِ هؤلاءِ أُخرى، فله أنْ يَحفظَ الوَديعةَ بيدِهم أَيضًا، فكانَ الحِفظُ بأَيدِيهم داخلًا تحتَ العَقدِ دِلالةً، وكذا له أنْ يَردَّ الوَديعةَ على أَيدِيهم حتى لو هلَكَت قبلَ الوُصولِ إلى المالِكِ لا ضَمانَ عليه؛ لأنَّ يدَهم يدُ المُودَعِ مَعنًى، فما دامَ المالُ في أَيدِيهم كانَ مَحفوظًا بحِفظِه وليسَ له أنْ يَدفعَ الوَديعةَ إلى غيرِهم إلا لعُذرٍ.
والذي في عيالِه: هو الذي يَسكنُ معه، مِنْ امرأتِه وولدِه وأَجيرِه وعَبدِه وهذا إذا كانَ مَنْ في عيالِه أُمناءَ.
وقيلَ الذي في عيالِه: هو الذي يَسكنُ معه وتَجري عليه نَفقتُه كائِنًا مَنْ كانَ قَريبًا أو أَجنبيًّا.