والثانِي: له أنْ يَأخذَ الكِراءَ والدابَّةَ، لكنْ يَكونُ عليه نَفقتُها.
وكذلك الحُكمُ في المُستعيرِ وفي المُكتَري يَتعدَّيانِ المَسافةَ المُشترطَةَ، فيُخيَّرُ ربُّها إنْ شاءَ أخَذَها وأخَذَ أُجرةَ المَسافةِ التي تَعدَّى بها، وعليه حينَئذٍ نَفقتُها، فإنْ زادَت نَفقتُها عن الكِراءِ فلا يَغرمُ ربُّها شَيئًا ولا يَأخذُ معها شَيئًا، أو يَأخذُ قِيمتَها يَومَ كِرائِها.
وهذا إذا رجِعَت بحالِها، أما لو حصَلَ فيها تَغيرٌ فنقَصَها فربُّها مُخيَّرٌ بينَ ثَلاثةِ أُمورٍ، سَواءٌ حبَسَها عن أَسواقِها أم لا:
الأَولُ: يُخيَّرُ ربُّها بينَ أَخذِها وما نقَصَها.
والثانِي: أو أَخذِ الكِراءِ.
والثالث: أو تَضمينِه قِيمتَها يَومَ الكِراءِ؛ لأنَّه يَومُ التَّعدِّي.
وأما إنْ تلِفَت فلربِّها القِيمةُ يَومَ الكِراءِ لأنَّه يَومُ التَّعدِّي، ولا كِراءَ لها ولو كانَ أَكثرَ مِنْ القِيمةِ، إلا إذا أرادَ المُودَعُ دَفعَ الكِراءِ له (١).
وجاءَ في «المُدوَّنة الكُبرى»: قُلت: أَرأيتَ إنِ استَودعَني إِبلًا فأَكريْتُها إلى مَكةَ، أيَكونُ لربِّها من الكِراءِ شَيءٌ أم لا؟
قالَ: كلُّ ما كانَ أَصلُه أَمانةً فأَكْراه فربُّه مُخيَّرٌ إنْ سلِمَت الإِبلُ ورجِعَت بحالِها، في أنْ يَأخذَ كِراءَها ويَأخذَ الإِبلَ، وفي أنْ يَتركَها له ويُضمِّنَه قِيمتَها ولا
(١) «التاج والإكليل» (٤/ ٢٧٢)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١٥)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٣٣)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٥٥)، و «منح الجليل» (٧/ ٢٧).