للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثُم ردَّ مِثلَها إلى مَوضعِها ثُم ضاعَت أو سُرقَت معَ الباقِي، فهل يَضمنُ الجَميعُ أم يَضمنُ ما أخَذَ فقط؟

فذهَبَ المالِكيةُ إلى أنَّه إذا أخَذَ نُقودًا مِنْ الوَديعةِ فأنفَقَها ثُم ردَّها إلى مَكانِها ثُم ضاعَت أو سُرقَت معَ الباقي فلا ضَمانَ عليه، وكذا في كلِّ المِثليَّاتِ، وسَواءٌ أخَذَ ذلك على وَجهِ السَّلفِ أو على غيرِه، وذلك لأنَّ الضَّمانَ يَتعلَّقُ بالإِنفاقِ والأَخذِ، فإذا زالَ ذلك وجَبَ أنْ يَزولَ الضَّمانُ لزَوالِ سَببِه المُوجِبِ له، ولأنَّ الصَّحابةَ كانَت تَتسلَّفُ أَموالَ الأَيتامِ وتُسلِّفَها.

ويُقبلُ قَولُ المُودَعِ بيَمينِه أنَّه ردَّها إلى مَكانِها إذا خالَفَه ربُّها، إلا إذا أذِنَ له ربُّها في تَسلُّفِها بأنْ يَقولَ له: أذِنْت لك في تَسلُّفِها أو التُّسلُّفِ منها، أو يَقولُ له: إنِ احتَجْت فخُذْ، فلا يَبرأُ إلا بردِّ ما أخَذَه لربِّها؛ لأنَّ تَسلُّفَه حينَئذٍ إنما هو مِنْ ربِّها فانتَقَل مِنْ أَمانتِه إلى ذِمتِه فصارَ كسائرِ الدُّيونِ (١).

فقد جاءَ في «المُدوَّنة» تحتَ بابِ: «فيمَن استُودِعَ دَراهمَ أو حِنطةً فأنفَقَها ثُم تلِفَت وقد ردَّ مِثلَ ما أنفَقَ أو لمْ يَردَّ»:

قلْت: أرأَيتَ لو أنِّي استودَعْت عندَ رجلٍ دَراهمَ وحِنطةً فأَنفقَ بعضَ


(١) «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ١١٠، ١١١)، رقم (٩٦٨)، و «التاج والإكليل» (٤/ ٢٦٣، ٢٦٤)، و «شرح مختصر خليل» (٦/ ١١٠، ١١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ١٢٤، ١٢٥)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٣٤٦، ٣٤٧)، و «بداية المجتهد» (٢/ ٢٣٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>