النَّومِ تَفرِيطٌ، إنَّما التَّفرِيطُ على مَنْ لم يُصلِّ الصَّلاةَ حتى يَجِيءَ وقتُ الصَّلاةِ الأُخرَى» رَواهُ مُسلِمٌ. فإذا عَرَفتَ الأحاديثَ الصَحِيحةَ تَعيَّن القولُ به جَزمًا؛ لأنَّ الشافِعيَّ نصَّ عليه في القَديمِ كما نقلَه أبو ثَورٍ، وعلَّق الشافِعيُّ القولَ به في الإملاءِ على ثُبوتِ الحَديثِ، وقد ثَبت الحَديثُ، بل أحاديثُ، والإملاءُ مِنْ كُتُبِ الشافِعيِّ الجَديدةِ، فيَكونُ مَنصوصًا عليه في القَديمِ والجَديدِ، وهذا كلُّه مع القاعِدةِ العامَّةِ التي أوصى بها الشافِعيُّ ﵀ إذا صحَّ الحَديثُ خِلافَ قولِه يُترَكُ قولُه ويُعمَلُ بالحَديثِ، وإنَّ مَذَهبه ما صحَّ فيه الحَديثُ، وقد صحَّ الحَديثُ، ولا مُعارِضَ له، ولا يترُكُه الشافِعيُّ إلا لِعدمِ ثُبوتِه عندَه، ولهذا علَّق القولَ به في الإملاءِ على ثُبوتِ الحَديثِ، وباللهِ التَّوفيقُ (١).
وأمَّا حَديثُ صَلاةِ جِبريلَ ﵇ في اليومَينِ في وَقتٍ، فجَوابُه مِنْ ثَلاثةِ أوجُهٍ، أحسَنُها وأصحُّها أنَّه إنَّما أرادَ بَيانَ وقتِ الاختِيارِ، لا بَيانَ وقتِ الجَوازِ، فهكذا هو في أكثرِ الصَّلواتِ، وهي العَصرُ والعِشاءُ والصُّبحُ، وكذا المَغربُ.
والثاني: أنَّ حَديثَ جِبريلَ مُقدَّمٌ في أوَّلِ الأمرِ بمَكةَ، وهذه الأحادِيثُ مُتأَخِّرةٌ بالمَدينةِ، فوجبَ تَقديمُها في العملِ.
الثَّالثُ: أنَّ هذه الأحاديثَ أقوَى مِنْ حَديثِ جِبريلَ؛ لوجهَينِ: أحَدُهما: أنَّ رُواتَها أكثرُ، والآخَرُ: أنَّها أصحُّ إسنادًا؛ ولهذا خرَّجَها مُسلِمٌ في