للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فذهَبَ الحَنفيةُ والحَنابِلةُ إلى أنَّه يَصحُّ إِيداعُ الصَّبيِّ المُميِّزِ، ولا يُشترطُ البُلوغُ لصِحةِ الإِيداعِ عندَهم.

قالَ الكاسانِيُّ : لا يَصحُّ الإِيداعُ مِنْ المَجنونِ والصَّبيِّ الذي لا يَعقلُ؛ لأنَّ العَقلَ شَرطُ أَهليةِ التَّصرَّفاتِ الشَّرعيةِ.

وأما بُلوغُه فليسَ بشَرطٍ عندَنا، حتى يَصحَّ الإِيداعُ مِنْ الصَّبيِّ المَأذونِ؛ لأنَّ ذلك مما يَحتاجُ إليه التَّاجرُ فكانَ مِنْ تَوابعِ التِّجارةِ، فيَملكُه الصَّبيُّ المَأذونُ كما يَملكُ التِّجارةَ.

وعندَ الشَّافِعيِّ لا يَملكُ التِّجارةَ فلا يَملكُ تَوابعَها (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : فإنْ كانَ الصَّبيُّ مُميِّزًا صحَّ إِيداعُه لمَا أُذنَ له في التَّصرُّفِ فيه؛ لأنَّه كالبَالغِ بالنِّسبةِ إلى ذلك (٢).

وذهَبَ المالِكيةُ والشافِعيةُ إلى أنَّه لا يَصحُّ الإِيداعُ إلا مِنْ بالِغٍ عاقِلٍ جائِزِ التَّصرُّفِ.

قالَ النَّفراويُّ المالِكيُّ: وأمَّا الصَّبيُّ والسَّفيهُ فلا يُودعانِ ولا يُستودعانِ، لكنْ إنْ أَودعاكَ شَيئًا وجَبَ عليك يا رَشيدُ حِفظُه (٣).

وقالَ الشافِعيةُ: لو أودَعَه صَبيٌّ ولو مُراهقًا كامِلَ العَقلِ أو مَجنونٌ مالًا لا يَجوزُ له أنْ يَقبلَه لعَدمِ أَهليتِهما؛ لأنَّ العاقِدَينِ شَرطُهما التَّكليفُ، فإنْ


(١) «بدائع الصنائع» (٦/ ٢٠٧).
(٢) «المغني» (٦/ ٣١١).
(٣) «الفواكه الدواني» (٢/ ١٧٠)، و «حاشية العدوي» (٢/ ٣٥٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>