للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمُستعارِ، أو صارَ أَمانةً في يدِ شخصٍ بدونِ عقدٍ ولا قصدٍ، كما لو أَلقت الرِّيحُ في دارِ أحدٍ مالَ جارِهِ، فنَظرًا لكَونِه لمْ يُوجدْ عَقدٌ فلا يَكونُ ذلك المالُ وَديعةً عندَ صاحبِ البيتِ، بل أَمانةٌ فقط.

الأَمانةُ لغةً: مَصدرٌ بمعنى كونِ الإِنسانِ أَمينًا.

وفي اصطِلاحِ الفُقهاءِ: الأَمانةُ: هي الشيءُ المَوجودُ عندَ مَنْ اتُّخذَ أَمينًا، يَعني المالَ (١).

وقالَ ابنُ نُجيمٍ الحَنفيُّ: والفَرقُ بينَ الوَديعةِ والأَمانةِ مِنْ وَجهينِ:

أَحدُهما: أن الوَديعةَ خاصَّةٌ بما ذَكرناه، والأَمانةُ خاصَّةٌ بما لو وقَعَ في يدِه شيءٌ مِنْ غيرِ قصدِه، بأن هَبَّت الريحُ بثوبِ إِنسانٍ وأَلقته في حِجرِ غيرِه.

وحكمُها مُختِلفٌ في بعضِ الصورِ؛ لأنَّ في الوَديعةِ يَبرأُ عن الضَّمانِ إذا عادَ إلى الوفاقِ، وفي الأَمانةِ لا يَبرأُ عن الضَّمانِ بعدَ الخلافِ.

الثانِي: أن الأَمانةَ عَلمٌ لما هو غيرُ مَضمونٍ، فيَشملُ جَميعَ الصورِ التي لا ضَمانَ فيها، كالعارِيةِ والمُستأجَرِ والمُوصى بخِدمتِه في يدِ المُوصى له بها، والوَديعةُ ما وُضعَ للأَمانةِ بالإِيجابِ والقَبولِ، فكانا مُتغايرَينِ (٢).


(١) «الجوهرة النيرة» (٤/ ١٤٩)، و «البحر الرائق» (٧/ ٢٧٤)، و «درر الحكام شرح مجلة الأحكام» (٢/ ١٩٤)، و «أنيس الفقهاء» ص (٢٤٨)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٨/ ١٤١)، و «حاشية إعانة الطالبين» (٣/ ٤٩٩)، و «كشاف القناع» (٤/ ٢٠٣).
(٢) «البحر الرائق» (٧/ ٢٧٤)، و «ابن عابدين» (٨/ ٣٢٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>