للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُوسفَ ومُحمَّدٌ وزُفَرُ والحَسنُ بنُ زيادٍ والحَسنُ بنُ صالحٍ والثَّورِيُّ والشافِعيُّ: هو أن يَصيرَ ظِلُّ كلِّ شَيءٍ مِثلَه …

ويُحتَجُّ لقولِ مَنْ قالَ بالمِثلَينِ في آخرِ وقتِ الظُّهرِ بظاهرِ قولِه: ﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ﴾ [هود: ١١٤]، وذلكَ يَقتَضِي فِعلَ العَصرِ بعدَ المِثلَينِ؛ لأنَّه كلَّما كانَ أقربَ إلى وقتِ الغُروبِ، فهُو أولَى باسمِ الطَّرفِ، وإذا كانَ وقتُ العَصرِ مِنْ المِثلَينِ، فمَا قبلَه مِنْ وقتِ الظُّهرِ لحَديثِ الأعمَشِ عن أبِي صالحٍ عن أبِي هُريرَةَ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ : «إنَّ أوَّلَ وقتِ الظُّهرِ حينَ تَزولُ الشَّمسُ، وآخر وقتِها حينَ يَدخلُ وقتُ العَصرِ» ويُحتَجُّ أيضًا لهَذا القولِ بظاهرِ قولِه تَعالى: ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ﴾ [الإسراء: ٧٨]، وقد بيَّنا أنَّ الدُّلوكَ يَحتَمِلُ الزَّوالَ، فإذَا أُرِيدَ بِه ذلك اقتَضَى ظاهرُه امتدَادَ الوقتِ إلى الغُروبِ، إلَّا أنَّه ثَبت أنَّ ما بعدَ المِثلَينِ ليس بوَقتٍ لِلظُّهرِ، فوجبَ أن يثبُتَ إلى المِثلَينِ بالظَّاهرِ.

ويُحتَجُّ فِيه مِنْ جِهةِ السُّنةِ بحَديثِ ابنِ عمرَ عن النَّبيِّ : «أجَلُكُم في أجَلِ مَنْ مَضَى قبلَكُم كَما بينَ صَلاةِ العَصرِ إلى غُروبِ الشَّمسِ، ومَثَلُكُم ومَثَلُ أهلِ الكتابَينِ قبلَكُم كرَجلٍ استأجَرَ أُجَراءَ فقالَ: مَنْ يَعمَلُ لِي ما بينَ غُدوَةٍ إلى نِصفِ النِّهارِ على قِيراطٍ، فعمِلتِ اليَهودُ، ثم قالَ: مَنْ يَعمَلُ لِي ما بينَ نِصفِ النِّهارِ إلى العَصرِ على قِيراطٍ، فعَمِلَتِ النَّصارَى، ثم قالَ: مَنْ يَعمَلُ لِي مَا بينَ العَصرِ إلى المَغربِ على قِيراطَينِ، فعَمِلتُم أنتُم، فغَضِبَتِ اليَهودُ والنَّصارَى فقالوا: كُنَّا أكثرَ عمَلًا وأقلَّ عَطَاءً. قالَ: هل ظَلَمتُكم مِنْ حقِّكم شَيئًا؟ قالوا: لا، قالَ فإنَّما هو فَضلِي، أُوتِيهِ مَنْ أشاءُ».

<<  <  ج: ص:  >  >>