رُبعٌ، وكذلك إذا وهَبَه حِصةً من دارٍ ولا يَعلمُ ما هي، وكذلك يَجوزُ هِبةُ المَعدومِ، كأنْ يَهبَه ثَمرَ شَجرِه هذا العامَ أو عَشرةَ أعوامٍ، ولم يُجوِّزْ ذلك الشافِعيُّ، وكذلك المَعروفُ في مَذهبِ أبي حَنيفةَ وأحمدَ المَنعُ من ذلك، لكنَّ أحمدَ وغيرَه يُجوِّزونَ في الصُّلحِ على المَجهولِ والإِبراءِ منه ما لا يُجوِّزُه الشافِعيُّ، وكذلك أبو حَنيفةَ يُجوِّزُ من ذلك ما لا يُجوِّزُه الشافِعيُّ؛ فإنَّ الشافِعيَّ يَشترطُ العِلمَ بمِقدارِ المَعقودِ عليه في عامةِ العُقودِ وكذلك عِوضُ الخُلعِ، وكذلك الصَّداقُ، وفيما شُرطَ على أهلِ الذِّمةِ، وأكثَرُ العُلماءِ يُوسِّعونَ في ذلك، وهو مَذكورٌ في مَوضعِه، ومَذهبُ مالِكٍ في هذا أرجَحُ.
وهذه المَسألةُ مُتعلقةٌ بأصلٍ آخَرَ، وهو أنَّ عُقودَ المُعاوضةِ كالبَيعِ والنِّكاحِ والخُلعِ تَلزمُ قبلَ القَبضِ، فالقَبضُ مُوجبُ العَقدِ، ومُقتَضاه ليسَ شَرطًا في لُزومِه، والتَّبرعاتُ كالهِبةِ والعارِيةِ فمَذهبُ أَبي حَنيفةَ والشافِعيِّ أنَّها لا تَلزمُ إلا بالقَبضِ، وعندَ مالِكٍ تَلزمُ بالعَقدِ، وفي مَذهبِ أحمدَ نِزاعٌ كالنِّزاعِ في المُعيَّنِ، هل يَلزمُ بالعَقدِ أو لا بدَّ من القَبضِ، وفيه عنه رِوايتانِ، وكذلك في بعضِ صُورِ العارِيةِ، وما زالَ السَّلفُ يُعيرونَ الشَّجرةَ ويَمنَحونَ المَنايحَ وكذلك هِبةُ الثَّمرِ واللَّبنِ الذي لم يُوجدْ، ويَروْن ذلك لازِمًا، ولكنَّ هذا يُشبهُ العارِيةَ؛ لأنَّ المَقصودَ بالعَقدِ يَحدثُ شَيئًا بعدَ شَيءٍ كالمَنفعةِ، ولهذا كانَ هذا مما يَستحقُّه المَوقوفُ عليه كالمَنافعِ، ولهذا تَصحُّ المُعاملةُ بجُزءٍ من هذا كالمُساقاةِ، وأمَّا إباحةُ ذلك فلا نِزاعَ بينَ العُلماءِ فيه، وسَواءٌ