للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذهَبَ المالِكيةُ وشَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ والحارِثيُّ إلى جَوازِ هِبةِ المَجهولِ.

قالَ المالِكيةُ: تَصحُّ الهِبةُ في كلِّ مَملوكٍ يُنقلُ وإنْ كانَ مَجهولَ العَينِ أو القَدرِ لهما أو لأحدِهما، ولو خالَفَ ظَنَّه بكَثيرٍ على التَّحقيقِ، كما لو وهَبَ أو تصَدَّق بميراثِه من فُلانٍ لظَنِّه أنَّه يَسيرٌ فإذا هو كَثيرٌ، أو وهَبَ له ما في جَيبِه ظَنًّا أنَّه دِرهمٌ لكَونِ عادَتِه أنَّه لا يَجعلُ فيه أزيَدَ من ذلك فوجَدَ فيه عَشرةَ مَحابيبَ، فلا رُجوعَ له على الصَّحيحِ في المَذهبِ، كما قالَه ابنُ عبدِ الحَكمِ، وقالَ ابنُ القاسِمِ: له رَدُّ عَطيتِه. قالَ الدُّسوقيُّ: وهو ضَعيفٌ (١).

وقالَ المَوَّاقُ : حَكى مُحمدٌ الإِجماعَ على جَوازِ هِبةِ المَجهولِ. ومِن «المُدونة»: مَنْ وهَبَ مُورِّثَه وهو لا يَدري كم هو جازَ، والغَررُ في الهِبةِ لغيرِ الثَّوابِ يَجوزُ (٢).

والقاعِدةُ عندَ المالِكيةِ أنَّه لا تأثيرَ للغَررِ في بابِ التَّبرعاتِ، قالَ الإمامُ القَرافِيُّ : الفَرقُ الرابِعُ والعِشرونَ بينَ قاعِدةِ ما تُؤثِّرُ فيه الجَهالاتُ والغَررُ وقاعِدةِ ما لا يُؤثِّرُ فيه ذلك من التَّصرفاتِ:


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٩٠، ٤٩٢).
(٢) «التاج والإكليل» (٥/ ٦)، ويُنظَرُ: «الكافي» (٥٢٩)، و «البيان والتحصيل» (١٣/ ٤٢٣)، و «الإشراف على نكت مسائل الخلاف» (٣/ ٢٦٤، ٢٦٥)، رقم (١١٠٨)، و «شرح مختصر خليل» (٧/ ١٠٢، ١٠٣)، و «مواهب الجليل» (٨/ ٨)، و «تحبير المختصر» (٥/ ٣، ٤)، و «البهجة في شرح التحفة» (٢/ ٣٩٤)، و «الشرح الصغير» (٩/ ٢٠٣)، و «شرح صحيح البخاري» (٦/ ٥٧٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>