للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسيِّبِ أنَّ عُثمانَ بنَ عَفَّانَ قالَ: «مَنْ نحَلَ وَلدًا له صَغيرًا لم يَبلُغْ أنْ يَحوزَ نُحلَه فأعلَنَ بها وأشهَدَ عليها فهي جائِزةٌ وإنْ وَليهَا أَبوه» (١).

وقالَ مالِكٌ وأَصحابُه: لا بدَّ من الحيازةِ في المَسكونِ والمَلبوسِ؛ فإنْ كانت دارًا سكَنَ فيها خرَجَ منها، وكذلك المَلبوسُ إنْ لبِسَه بطَلَت الهِبةُ، وقالوا في سائِرِ العُروضِ بمِثلِ قَولِ الفُقهاءِ، أَعني أنَّه يَكفي في ذلك إِعلانُه وإِشهادُه.

وأمَّا الذَّهبُ والوَرِقُ فاختَلَفت الرِّوايةُ فيه عن مالِكٍ، فرُويَ عنه أنَّه لا يَجوزُ إلا أنْ يُخرجَه الأبُ عن يَدِه إلى يَدِ غيرِه، ورُويَ عنه أنَّه يَجوزُ إذا جعَلَها في ظَرفٍ أو إناءٍ وختَمَ عليها بخاتَمٍ وأشهَدَ على ذلك الشُّهودَ.

ولا خِلافَ بينَ أَصحابِ مالِكٍ أنَّ الوَصيَّ يَقومُ في ذلك مَقامَ الأبِ.

واختَلَفوا في الأُمِّ، فقالَ ابنُ القاسِمِ لا تَقومُ مَقامَ الأبِ ورَواه عن مالِكٍ، وقالَ غيرُه من أَصحابِه تَقومُ، وبه قالَ أبو حَنيفةَ.

وقالَ الشافِعيُّ: الجَدُّ بمَنزلةِ الأبِ، والجَدةُ عندَ ابنِ وَهبٍ أُمُّ الأُمِّ تَقومُ مَقامَ الأُمِّ والأُمُّ عندَه تَقومُ مَقامَ الأبِ (٢).

قالَ الحَنفيةُ: وإذا وهَبَ الأبُ لابنِه الصَّغيرِ هِبةً ملَكَها الابنُ بالعَقدِ والقَبضِ فيه بإِعلامِ ما وهَبَه له، وليسَ الإشهادُ بشَرطٍ إلا أنَّ فيه احتِياطًا للتَّحرُّزِ عن جُحودِ الوَرثةِ بعدَ مَوتِه أو جُحودِه بعدَ إِدراكِ الوَلدِ؛ لأنَّ


(١) رواه الإمام مالك في «الموطأ» (٢/ ٧٧١)، رقم (١٤٦١).
(٢) «بداية المجتهد» (٢/ ٢٤٧، ٢٤٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>