للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ الإمامُ ابنُ عبدِ البَرِّ : فأمَّا الصَّدقةُ؛ فإنَّه لا رُجوعَ فيها للأبِ ولا لغيرِ أبٍ بحالٍ من الأَحوالِ؛ لأنَّ الصَّدقةَ إنَّما يُرادُ بها وَجهُ اللهِ تَعالى، وما أُريدَ به وَجهُ اللهِ لم يَجزْ الاعتِصارُ والرُّجوعُ فيه (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : ولا يَجوزُ للمُتصدِّقِ الرُّجوعُ في صَدقتِه في قَولِهم جَميعًا؛ لأنَّ عُمرَ قالَ في حَديثِه: «مَنْ وهَبَ هِبةً على وَجهِ صَدقةٍ؛ فإنَّه لا يَرجعُ فيها» مع عُمومِ أَحاديثِنا، فاتَّفَق دَليلُهم ودَليلُنا، فلذلك اتَّفَق قَولُهم وقَولُنا (٢).

واستدَلَّ العُلماءُ على عَدمِ جَوازِ الرُّجوعِ في الصَّدقةِ بما رَواه مُسلمٌ عن ابنِ عباسٍ أنَّ النَّبيَّ قالَ: «مَثَلُ الذي يَرجعُ في صَدقتِه كمَثَلِ الكَلبِ يَقيءُ ثم يَعودُ في قَيئِه فيَأكلُه» (٣). قالَ الإمامُ النَّوويُّ : هذا ظاهِرٌ في تَحريمِ الرُّجوعِ في الهِبةِ والصَّدقةِ بعدَ إقباضِهما (٤).

وقَولُ النَّبيِّ لعُمرَ : «لا تَعُدْ في صَدقتِك» (٥).


(١) «الاستذكار» (٧/ ٢٢٩).
(٢) «المغني» (٥/ ٣٩٨).
(٣) أخرجه مسلم (١٦٢٢).
(٤) «شرح صحيح مسلم» (١١/ ٦٤).
(٥) أخرجه البخاري (١٤١٨)، ومسلم (١٦٢١).

<<  <  ج: ص:  >  >>