وفيها أيضًا مِنْ كِتابِ النَّفقةِ:(سُئِل): في رَجلٍ خطَبَ امرأةً وصارَ يُنْفِقُ عليها لتَتزوَّجَ به، وتَحقَّقَت أنَّه إنَّما يُنْفِقُ عليها ليَتزوَّجَها، ثم امتنَعَت عن التَّزوُّجِ به وتَزوَّجت بغيرِه، هل يَرجعُ بما أنفَقَ أو لا؟
(أجابَ): نَعمْ، يَرجعُ. قالَ في «الخانيةِ» بعدَ أنْ ذكَرَ القَولَينِ في المَسألةِ: قالَ المُصنفُ ﵀ تَعالى: ويَنبَغي أنْ يَرجعَ؛ لأنَّه إذا علِمَ أنَّه لو لم يَتزوَّجْها لا يُنْفِقُ عليها كانَ ذلك بمَنزلةِ الشَّرطِ وإنْ لم يَكنْ مَشروطًا لَفظًا.
قالَ في التَّتِمةِ: سُئلَ والدي عمَّن بعَثَ إلى أَبي الخَطيبةِ سُكَّرًا ولَوزًا وجَوزًا وتَمرًا، ثم ترَكَ الأبُ المُعاقَدةَ هل لهذا الخاطِبِ أنْ يَرجعَ باستِردادِ ما دفَعَ؟
فقالَ: إنْ فرَّقَ ذلك على الناسِ بإذنِ الدافِعِ فليسَ له حَقُّ الرُّجوعِ، وإنْ لم يأذَنْ له في ذلك فله ذلك.
وهو مُرجَّحٌ لمَا علَّله في «الخانيةِ» وهو ظاهِرُ الوَجهِ، فلا يَنبَغي أنْ يَعدِلَ عنه، واللهُ ﷾ أعلَمُ. انتَهى ما في «الخَيرية» فليُتأمَّلْ (١).
وقالَ المالِكيةُ: يَجوزُ الإهداءُ للمُعتدَّةِ من وَفاةٍ أو طَلاقِ غيرِه البائِنِ لا الإنفاقُ عليها، فيَحرُمُ كالمُواعَدةِ؛ فإنْ أهدَى أو أنفَقَ عليها ثم تَزوَّجت غيرَه لا يَرجعُ عليها بشَيءٍ، قالَ الشَّيخُ عُلَيشٌ: وفي «التَّوضيحِ» أنَّ غيرَ المُعتدَّةِ مِثلُها.