للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من مِسكٍ، ولا أَرى النَّجاشيَّ إلا قد ماتَ، ولا أَرى هَديَتي إلا مَردودةً علَيَّ؛ فإنْ رُدَّت علَيَّ فهي لكِ» قالَت: فكانَ ما قالَ رَسولُ اللهِ ورُدَّت عليه هَديتُه، فأعطَى كلَّ امِرأةٍ من نِسائِه أُوقيةً من مِسكٍ، وأعطَى أُمَّ سَلمةَ بَقيةَ المِسكِ والحُلةَ (١). وبُطلانُ الهِبةِ إذا ماتَ الواهِبُ بعدَ بَعثِ رَسولِه بالهَديةِ لعَدمِ القَبولِ.

وعلى هذا إذا ماتَ صاحِبُ الهِبةِ قبلَ أنْ تَصِلَ إلى المُهدَى إليه رجَعَت إلى وَرثةِ المُهدِي وليسَ للرَّسولِ حَملُها بعدَ مَوتِ الواهِبِ إلى المَوهوبِ له إلا أنْ يأذَنَ له الوارِثُ؛ لأنَّ الحَقَّ صارَ إليه، وكذا حُكمُ هَديةٍ وصَدقةٍ؛ لأنَّهما نَوعان من الهِبةِ، وإنْ ماتَ المُتَّهَبُ أو الواهِبُ قبلَ القَبولِ أو ما يَقومُ مَقامَه بطَلَ العَقدُ؛ لأنَّه لم يَتمَّ، وكذا لو جُنَّ أو أُغميَ عليه (٢).

وقالَ الإمامُ البُخاريُّ في صَحيحِه: بابُ: إذا وهَبَ هِبةً أو وعَدَ ثم ماتَ قبلَ أنْ تَصِلَ إليه، وقالَ عُبيدةُ -أي: السَّلمانِيُّ-: إنْ ماتَ وكانَت فُصِلت الهَديةُ والمُهدَى له حَيٌّ فهي لوَرثتِه -أي: وَرثةِ المُهدَى له-، وإنْ لم تَكنْ فُصِلت فهي لوَرثةِ الذي أهدَى. وقالَ الحَسنُ: أيُّهما ماتَ قبلُ فهي لوَرثةِ المُهدَى له إذا قبَضَها الرَّسولُ.


(١) رواه أحمد (٢٧٣١٧)، وابن حبان في «صحيحه» (٥١١٤)، وقالَ الحافظ ابن حجر في «فتح الباري» (٥/ ٢٢٢): إسناده حسن.
(٢) «الإنصاف» (٧/ ١٢٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٦٦)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٩٧)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٨٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>