الأولُ: أنَّ الصَّدقةَ والهِبةَ لا تَجوزُ إلا أنْ يَشاءَ الواهِبُ أنْ يُبطلَ الشَّرطَ؛ فإنْ ماتَ أحدُهما بطَلَت، وهو ظاهِرُ قَولِ مالِكٍ في هذه الرِّوايةِ، ومِثلُ قَولِ ابنِ القاسِمِ في رِواية سُحنونٍ.
الثاني: أنَّ الواهِبَ مُخيَّرٌ بينَ أنْ يَتركَ شَرطَه أو يَستردَّ هِبتَه ووَرثتُه بعدَه، ما لم يَنتقِضْ أمرُه بمَوتِ المَوهوبِ.
الثالِثُ: أنَّ الشَّرطَ باطِلٌ والهِبةَ جائِزةٌ، وهذا يَأتي على ما في «المُدونة» في مَسألةِ تَحبيسِ الدارِ واشتِراطِ تَرميمِها على المُحبَسِ عليه.
الرابِعُ: أنَّ الشَّرطَ عامِلٌ والهِبةَ ماضيةٌ لازِمةٌ، فتَكونُ الصَّدقةُ بينَ المُتصدَّقِ عليه كالحَبسِ لا يَبيعُ ولا يَهبُ حتى يَموتَ، فإذا ماتَ وُرثَ عنه على سَبيلِ المِيراثِ، وهو قَولُ عِيسى بنِ دِينارٍ في هذه الرِّوايةِ، وقَولُ مُطرِّفٍ في «الواضِحةِ»، قالَ ابنُ رُشدٍ: وهو أظهَرُ الأَقوالِ وأوْلاها بالصَّوابِ؛ لأنَّ الرَّجلَ له أنْ يَفعلَ في مِلكِه ما شاءَ، إنْ شاء بَتلَه للمَوهوبِ له والمُتصدَّقِ عليه من الآنَ، وإنْ شاء أَعطاه المَنافعَ خاصةً طُولَ حَياتِه، وجعَلَ المَرجعَ بعدَ مَوتِه ليَقضيَ من دَينِه ويَرثَه عنه بما له في ذلك من الغَرضِ أنْ يَستديمَ الانتِفاعَ بما وهَبَه، وبَدا أثَرُ هِبتِه عليه.
والقَولُ الخامِسُ: قالَ سُحنونٌ: إنَّ ذلك يَكونُ حَبسًا على المَوهوبِ له أو المُتصدَّقِ عليه بما شرَطَ عليه من ألَّا يَبيعَ ولا يَهبَ، فإذا ماتَ المُتصدَّقُ عليه على هذا القَولِ، رجَعَ إلى المُتصدِّقِ أو إلى وَرثتِه إنْ كانَ قد ماتَ، أو