للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأبطَلَ شَرطَ العَودِ إليه؛ لأنَّه إذا ملَكَ العَينَ لم تُنقَلْ عنه بالشَّرطِ، ولأنَّه شَرطٌ يُنافي مُقتَضى العَقدِ فصَحَّ وبطَلَ الشَّرطُ كشَرطِه في البَيعِ ألَّا يَبيعَ.

قالَ الشَّروانِيُّ : والنَّهيُ الوارِدُ للإرشادِ والنَّصيحةِ حتى لا يَقعَ الآتي بهما في النَّدامةِ؛ فإنَّه يُتوهَّمُ العَودُ ولا عَودَ، لا أنَّهما في حَدِّ ذاتَيْهما مَذمومتان شَرعًا بوَجهٍ من الوُجوهِ، بل حيثُ صدَرا من عارِفٍ بهما وبما استقَرَّ عليه حُكمُهما شَرعًا، وأنَّهما من جُملةِ أفرادِ الهِبةِ التي حُكمُها النَّدبُ كما مَرَّ أولَ البابِ، وأُتِيَ بهما تَقربًا إلى اللهِ تَعالى امتِثالًا للأمرِ النَّدبيِّ كانَ مُثابًا عليهما، فتأمَّلْه حَقَّ التَّأملِ حتى يَظهرَ لك التَّفاوتُ بينَه وبينَ قَولِ الشارِحِ: إنَّ النَّهيَ للتَّنزيهِ، واللهُ أعلَمُ بحَقيقةِ الحالِ (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وأمَّا النَّهيُ فإنَّما ورَدَ على وَجهِ الإِعلامِ لهم أنَّكم إنْ أعمَرتُم أو أرقَبتُم يُعدُّ للمُعمَرِ والمُرقَبِ ولم يَعُدْ إليكم منه شَيءٌ، وسياق الحَديثِ يَدلُّ عليه؛ فإنَّه قالَ: «فمَن أُعمِرَ شَيئًا أو أُرقِبه فهو له حَياتَه ومَماتَه»، ولو أُريدَ به حَقيقةُ النَّهيِ لم يَمنعْ ذلك صِحتَها؛ فإنَّ النَّهيَ إنَّما يَمنعُ صِحةَ ما يُفيدُ المَنهيَّ عنه فائِدةً، أمَّا إذا كانَ صِحةُ المَنهيِّ ضَررًا على مُرتكبِه لم يَمنعْ صِحتَه كالطَّلاقِ في زَمنِ الحَيضِ، وصِحةُ العُمرَى ضَررٌ على المُعمِرِ؛ فإنَّ مِلكَه يَزولُ بغيرِ عِوضٍ (٢).


(١) «حواشي الشرواني على تحفة المحتاج» (٧/ ٥٧٠).
(٢) «المغني» (٥/ ٤٠٠)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٦٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>