للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقالَ المالِكيةُ: العُمرَى تَمليكُ المَنفعةِ حَياةَ المُعطَى -بفَتحِ الطاءِ-، وظاهِرُه أنَّ تَمليكَ المَنفعةِ مُدةَ حَياةِ المُعطِي -بكَسرِها- ليسَ بعُمرَى حَقيقةً -أي: اصطِلاحًا- بل عُمرى مَجازًا، وإنْ جازَت.

قالَ اللَّخميُّ : العُمرَى ثَلاثٌ: مُقيَّدةٌ بأجَلٍ أو حَياةِ المُعمَرِ، ومُطلَقةٌ، ومُعقِبةٌ.

فإنْ كانت مُقيَّدةً بأجلٍ فقالَ: «أعمَرتُك هذه الدارَ سَنةً أو عَشرًا أو حَياتِي أو حَياتَك» كانَت على ما أَعطى، وإنْ أطلَقَ ولم يُقيِّدْ كانَ مَحمَلُه على عُمرِ المُعطَى، حتى يَقولَ: «عُمرِي أو حَياتِي»، وإنْ عقَّبَها فقالَ: «أعمَرتُكها أنتَ وعَقِبَك»، لم تَرجِعْ إليه إلا أنْ يَنقرضَ العَقِبُ (١).

وذهَبَ الشافِعيةُ في أصَحِّ الوَجهَينِ إلى البُطلانِ لخُروجِه عن اللَّفظِ المُعتادِ، ولمَا فيه من تأقيتِ المِلكِ؛ فإنَّه قد يَموتُ الواهِبُ أولًا بخِلافِ العَكسِ، وإنَّما اغتُفرَ الأولُ مع أنَّ فيه تأقيتًا؛ لأنَّه تَصريحٌ بالواقعِ؛ لأنَّ الإِنسانَ لا يَملكُ إلا مُدةَ حَياتِه، فلا تَوقيتَ فيه، فإذا قالَ: «هذه الدارُ لك عُمري أو حَياتي» فهي عَطيةٌ باطِلةٌ؛ لأنَّه لا يُملِّكُه إياها عُمرَه فيُورَثُ عنه، ولا جعَلَها عُمرى فيَستعملُ فيها الخبَرَ، وإنَّما قدَّرَ ذلك بعُمرِ نَفسِه فاقتَضى -لمَا هي عليه من خِلافِ الأصلِ- خُروجَها من حُكمِ النَّفيِ أنْ تَبطُلَ (٢).


(١) «مواهب الجليل» (٨/ ١٩)، ويُنظَرُ: «شرح مختصر خليل» (٧/ ١١١)، و «الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي» (٥/ ٥٠٧)، و «حاشية الصاوي على الشرح الصغير» (٩/ ٢٤١).
(٢) «الحاوي الكبير» (٧/ ٥٤٢)، و «البيان» (٨/ ١٤٠)، و «روضة الطالبين» (٤/ ١٨٦)، و «الإقناع» (٢/ ٣٦٨)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٩٠)، و «إعانة الطالبين» (٣/ ٢٧٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>