وقالَ مالِكٌ واللَّيثُ: العُمرَى تَمليكُ المَنافعِ، لا تُملكُ بها رَقبةُ المُعمَرِ بحالٍ، ويَكونُ للمُعمَرِ السُّكنى، فإذا ماتَ عادَت إلى المُعمِرِ، وإنْ قالَ:«له ولعَقِبِه»، كانَ سُكناها لهم، فإذا انقَرَضوا عادَت إلى المُعمِرِ، واحتَجَّا بما رَوى يَحيى بنُ سَعدٍ عن عبدِ الرَّحمنِ بنِ القاسِمِ قالَ: سمِعتُ مَكحولًا يَسألُ القاسِمَ بنَ مُحمدٍ عن العُمرَى ما يَقولُ الناسُ فيها؟ فقالَ القاسِمُ: ما أدرَكتُ الناسَ إلا على شُروطِهم في أموالِهم وما أعطَوْا. وقالَ إِبراهيمُ بنُ إِسحاقَ الحَربيُّ عن ابنِ الأَعرابيِّ: لم يَختلِفِ العَربُ في العُمرَى والرُّقبَى والإِفقارِ والإِحبالِ والمِنحةِ والعَريةِ والعارِيةِ والسُّكنَى والإِطراقِ أنَّها على مِلكِ أَربابِها، ومَنافِعُها لمَن جُعِلت له. ولأنَّ التَّمليكَ لا يَتأقَّتُ، كما لو باعَه إلى مُدةٍ، فإذا كانَ لا يَتأقَّتُ حُملَ قَولُه على تَمليكِ المَنافعِ؛ لأنَّه يَصحُّ تَوقيتُه.
ولنا: ما رَوى جابِرٌ قالَ: قالَ النَّبيُّ ﷺ: «أمسِكوا عليكم أموالَكم ولا تُفسِدوها فإنَّه مَنْ أعمَرَ عُمرَى فهي للذي أَعمَرَها حَيًّا ومَيِّتًا ولعَقِبِه»(١) رَواه مُسلمٌ.
وفي لَفظٍ:«قَضى رَسولُ اللهِ ﷺ بالعُمرَى لمَن وُهبَ له» مُتَّفقٌ عليه.
ورَوى ابنُ ماجَه عن ابنِ عُمرَ ﵄ قالَ: قالَ رَسولُ اللهِ ﷺ: «لا رُقبَى، فمَن أرقَبَ شَيئًا فهو له حَياتَه ومَوتَه».