للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في الإِباحةِ والتَّحليلِ؛ فإنَّ له جِهاتٍ كَثيرةً من الفَيءِ والصَّدقةِ وغيرِهما (١).

وقالَ شَيخُ الإِسلامِ ابنُ تَيميةَ : قد رأيتُ للشَّيخِ أَبي عُمرَ بنِ عبدِ البَرِّ رِسالةً أَملاها حينَ بلَغَه -وهو بشاطبةَ- أنَّ قَومًا عابُوه بأَكلِ طَعامِ السَّلاطينِ وقَبولِ جَوائزِهم:

قُلْ لمَن يُنكرُ أَكلي لطَعامِ الأُمراء أنتَ من جَهلِك هذا في مَحلِّ السُّفهاء

لأنَّ الاقتِداءَ بالصالِحينَ من الصَّحابةِ والتابِعينَ وأئِمةِ الدِّينِ من المُسلِمينَ والسَّلفِ الماضِينَ هو مِلاكُ الدِّينِ، فقد كانَ زَيدُ بنُ ثابِتٍ -وكانَ من الراسِخينَ في العِلمِ- يَقبلُ جَوائزَ مُعاويةَ وابنِه يَزيدَ، وكانَ ابنُ عُمرَ مع وَرَعِه وفَضلِه يَقبلُ هَدايا صِهرِه المُختارِ ابنِ أَبي عُبَيدٍ، ويَأكلُ طَعامَه ويَأخذُ جَوائزَه، وكانَ المُختارُ غيرَ مُختارٍ.

وقالَ عبدُ اللهِ بنُ مَسعودٍ -وكان قد مُلِئَ عِلمًا من قَرنِه إلى مَشاعِبِه- لرَجلٍ سألَه فقالَ: إنَّ لي جارًا يَعملُ الرِّبا، ولا يَجتنِبُ في مَكسبِه الحَرامَ، يَدعوني إلى طَعامِه إذا جِئتُ، فقالَ: لك المَهنأُ وعليه المَأثمُ ما لم تَعلمِ الشَّيءَ بعَينِه حَرامًا.

وسُئلَ عُثمانُ بنُ عَفَّانَ عن جَوائزِ السُّلطانِ فقالَ: لَحمُ ظَبيٍ زَكيٍّ.

وكانَ الشَّعبيُّ -وهو مِنْ كِبارِ التابِعينَ وعُلمائِهم- يُؤدِّبُ بَني عبدِ المَلكِ بنِ مَرْوانَ، ويَقبلُ جَوائزَه، ويَأكلُ طَعامَه.


(١) «المغني» (٦/ ٣٣٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>