للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسِدَرٍ، والضَّمُّ لُغةٌ، وجَمعُها رُشًا بالضَّمِّ، ورشَوتُه رَشوًا من باب قتَلَ، أعطَيتُه رَشوةً فارتَشى، أي أخَذَ، وأصلُها رَشا الفَرخُ إذا مَدَّ رأسَه إلى أُمِّه لتَزُقَّه (١).

والفَرقُ بينَ الهَديةِ والرِّشوةِ أنَّ الرِّشوةَ كلُّ مالٍ دُفعَ ليُبتاعَ به من ذي جاهٍ عَونٌ على ما لا يَجوزُ، وأنَّ الهَديةَ كلُّ ما أُعطيَ على مَحبةٍ أو مَودةٍ يُثبتُها أو يَستديمُها (٢).

وقالَ ابنُ القَيمِ : الفَرقُ بينَ الهَديةِ والرِّشوةِ -وإنْ اشتَبَها في الصُّورةِ- القَصدُ؛ فإنَّ الراشيَ قَصدُه بالرِّشوةِ التَّوصُّلُ إلى إِبطالِ حَقٍّ أو تَحقيقِ باطِلٍ، فهذا الراشِي المَلعونُ على لِسانِ رَسولِ اللهِ؛ فإنْ رَشا لدَفعِ الظُّلمِ عن نَفسِه اختُصَّ المُرتَشي وَحدَه باللَّعنةِ، وأمَّا المُهدِي فقَصدُه استِجلابُ المَودةِ والمَعرفةِ والإِحسانِ؛ فإنْ قصَدَ المُكافأةَ فهو مُعاوِضٌ، وإنْ قصَدَ الرِّبحَ فهو مُستكثِرٌ (٣).

وقالَ النَّوويُّ : الرِّشوةُ مُحرمةٌ على القاضِي وغيرِه من الوُلاةِ مُطلقًا؛ لأنَّها تُدفعُ إليه ليَحكمَ بحَقٍّ أو ليَمتنِعَ من ظُلمٍ، وكلاهما واجِبٌ عليه، فلا يَجوزُ أخْذُ العِوضِ عليه، وأمَّا دافِعُ الرِّشوةِ؛ فإنْ تَوصلَ بها إلى باطِلٍ فحَرامٌ عليه، وهو المُرادُ بالراشي المَلعونِ، وإنْ تَوصلَ بها إلى


(١) «المصباح المنير» (١/ ٢٢٨).
(٢) «مطالع التمام» (٢٢٥).
(٣) «الروح» ص (٢٤٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>