للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهي صَدقةٌ اتِّفاقًا، وإنْ قصَدَ ثَوابَ الآخِرةِ مع وَجهِ المُعطَى -بالفَتحِ- فصَدقةٌ عندَ الأكثرِ، وعندَ الأقلِّ ما أُعطيَ لهما معًا هو هِبةٌ (١).

وقالَ ابنُ عَرفةَ : الهِبةُ لا لثَوابٍ تَمليكُ ذي مَنفعةٍ لوَجهِ المُعطَى بغيرِ عِوضٍ، والصَّدقةُ كذلك لوَجهِ اللهِ بَدلَ «لوَجهِ المُعطَى».

قالَ الأكثرُ: والهِبةُ كذلك مع إرادةِ الثَّوابِ من اللهِ صَدقةٌ (٢).

وقالَ القَرافِيُّ : قالَ صاحِبُ «المُقدِّماتِ»: لا تَفترقُ الصَّدقةُ والهِبةُ إلا في حُكمَينِ، هما: الاعتِصارُ، وجَوازُ الرُّجوعِ بالبَيعِ والهِبةِ، فلا يَصحُّ ذلك في الصَّدقةِ إلا أنْ تَكونَ على ابنٍ صَغيرٍ، ثَلاثُ رِواياتٍ: المَنعُ إلا لضَرورةٍ، نحوَ كَونِها أمَةً فتَتبعُها نَفسُه، أو يَحتاجُ فيأخُذُها لحاجَتِه -وهو ظاهِرُ «المُدونة» -، وثانيها يَجوزُ الرُّجوعُ فيها بالبَيعِ والهِبةِ من غيرِ ضَرورةٍ دونَ الاعتِصارِ، وثالِثُها الرُّجوعُ بالبَيعِ والهِبةِ والاعتِصارِ قِياسًا على الهِبةِ.

والفَرقُ بينَ حَقيقتِهما أنَّ الهِبةَ للمُواصَلةِ والوِدادِ، وأنَّ الصَّدقةَ لابتِغاءِ الثَّوابِ عندَ اللهِ تَعالى، وإذا تَقررَ اشتِراكُ الصَّدقةِ والهِبةِ فيما عدا هذَينِ الحُكمَينِ فليَكُنِ الكَلامُ عليهما واحدًا (٣).


(١) «حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير» (٥/ ٤٩٠).
(٢) «المختصر الفقهي» (١٣/ ١٠٨)، و «التاج والإكليل» (٥/ ٥).
(٣) «الذخيرة» (٦/ ٢٢٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>