للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي «الكُلِّياتِ»: الهِبةُ مَعناها: إِيصالُ الشَّيءِ إلى الغيرِ بما يَنفعُه، سَواءٌ كانَ مالًا أو غيرَ مالٍ، ويُقالُ: وهَبَ له مالًا وَهبًا وهِبةً، ووهَبَ اللهُ فُلانًا وَلدًا صالِحًا (١).

وهي من صِفاتِ الكَمالِ، فإنَّ اللهَ تَعالى وصَفَ بها نَفسَه بقَولِه ﷿: ﴿أَمْ عِنْدَهُمْ خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ (٩)[ص: ٩]، والبَشرُ إذا باشرَها فقد اكتسَبَ من أشرَفِ الصِّفاتِ؛ لمَا فيها من استِعمالِ الكَرمِ وإِزالةِ شُحِّ النَّفسِ وإِدخالِ السُّرورِ في قَلبِ المَوهوبِ له وإِيراثِ المَحبةِ والمَودةِ بينَهما وإِزالةِ الضَّغينةِ والحَسدِ، ولهذا مَنْ باشَرَها كانَ من المُفلِحينَ، قالَ تَعالى: ﴿وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٩)[الحشر: ٩] (٢).

تَعريفُ الهِبةِ اصطِلاحًا:

تَعدَّدت عِباراتُ الفُقهاءِ لتَعريفِ الهِبةِ، وهي -وإنِ اختَلفَت في أَلفاظِها تَبعًا لمَا يَشترطُه فُقهاءُ كلِّ مَذهبٍ في عقِد الهِبةِ من شُروطٍ- مُتقاربةُ المَعنى، وهي «تَمليكُ المالِ بلا عِوضٍ».

فعرَّفَها الحَنفيةُ بأنَّها: تَمليكُ المالِ بلا عِوضٍ (٣) أو تَمليكُ الأَعيانِ بغيرِ عِوضٍ (٤) أو تَمليكُ العَينِ مَجانًا، أي: بلا شَرطِ عِوضٍ (٥).


(١) «الكليات» (٩٦٠).
(٢) «تبيين الحقائق» (٥/ ٩١)، و «ابن عابدين» (٨/ ٤١٩).
(٣) «العناية شرح الهداية» (١٢/ ٢٦٥)، و «عمدة القاري» (١٣/ ١٢٥).
(٤) «الجوهرة النيرة» (٤/ ٥٩)، و «اللباب» (١/ ٦٠١)، و «مختصر الوقاية» (٢/ ١٠٣).
(٥) «الدر المختار مع حاشية ابن عابدين» (٥/ ٦٧٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>