فإذا غرَسَ وبَنى فلِلمالكِ الرُّجوعُ فيما بينَ الغِراسِ والبِناءِ؛ لأنَّه لَم يَتعلَّقْ به ملكُ المُستَعيرِ ولا ضَررَ عليه في الرُّجوعِ منه، فأشبَه ما لَم يَبنِ في الأرضِ شيئًا ولَم يَغرسْ فيها، ثُم إنِ اختارَ المُستَعيرُ أخذَ بنائِه وغِراسِه فله ذلك؛ لأنَّه ملكَه فملَكَ نقَلَه، ويَلزمُه تَسويةُ الحُفرِ، ذكَرَه القاضِي لأنَّ المُستَعيرَ رضِيَ بذلك حيثُ أعارَه معَ عِلمِه بأنَّ له قلعُ غَرسِه، ويُحتمَلُ أنَّ عليه تَسويةَ الحَفرِ لأنَّ القَلعَ باختِيارِه، فإنه لو امتَنعَ منه لَم يُجبَرْ عليه، فلزِمَه تَسويةُ الحفرِ كما لو خرَّبَ أرضَه التي لَم يَستَعرْها.
وإنْ أَبى القَلعَ فبذَلَ له المُعيرُ ما يَنقصُ بالقلعِ أو قِيمةَ غِراسِه وبنائِه قائِمًا ليَأخذَه المُعيرُ أُجبِرَ المُستَعيرُ عليه؛ لأنَّه رُجوعٌ في العارِيةِ مِنْ غيرِ إِضرارٍ، وإنْ قالَ المُستَعيرُ أنا أَدفعُ قِيمةَ الأرضِ لتَصيرَ لي لَم يَكنْ له؛ لأنَّ الغِراسَ تابعٌ والأرضُ أصلٌ، ولذلك يَتبعُها الغِراسُ والبِناءُ في البَيعِ ولا تَتبعُهما، وبهذا كلِّه قالَ الشافِعيُّ.
وقالَ أَبو حَنيفةَ ومالكٌ: يُطالَبُ المُستَعيرُ بالقَلعِ مِنْ غيرِ ضَمانٍ، إلا أنْ يَكونَ أعارَه مدةً مَعلومةً فرجَعَ فيها قبلَ انقِضائِها؛ لأنَّ المُعيرَ لَم يُعرْهُ فكانَ عليه القَلعُ، كما لو شُرطَ عليه.