القسمُ الثانِي: أنْ يُقطِعَه مدةَ حياتِه ثُم لورثتِه بعدَ موتِه، فهذا باطلٌ؛ لأنَّه خرَجَ بهذا الإِقطاعِ عن حقوقِ بيتِ المالِ إلى الأملاكِ الموروثةِ، وحينئذ فما اجتباه بإذنِ في عقدٍ فاسدٍ بينَ أهلِ الخراجِ يَقبضُه ويُحاسَبُ به مِنْ جملةِ رزقِه، فإنْ زادَ ردَّ الزيادةَ وإلا رجعَ بالباقي، وأظهرَ له السلطانُ فسادَ القبضِ حتى يَمتنعَ مِنْ القبضِ وهم مِنْ الدفعِ، فإنْ دفعوا بعدَ إظهارِ ذلك لهم لَم يَبرؤوا منه.
القسمُ الثالثُ: أنْ يُقطِعَه مدةَ حياتِه، ففي صحتِه قَولانِ، أحدُهما: يَصحُّ إذا قيلَ إنَّ حدوثَ زمانتِه لا يَقتضي سقوطَ رزقِه، وهو الأصحُّ اه حاصلُ كلامِ الماورديِّ، وإذا تَقررَ عُدْنا إلى مسألتِنَا فنقولُ:
كلامُ النوويِّ في فتاويه يَدلُّ على صحةِ الإِقطاعِ الواقعِ في هذا الزمانِ؛ لأنَّ صحةَ إجارتِه فرعُ صحتِه، وقد مرَّ كلامُ الأذرعيِّ، وما نقلَه فيه مِنْ الصحةِ الموافقةِ لِمَا أفتى به النَّوويُّ فهو الأصحُّ المعمولُ به، وقد كانَ التقيُّ ابنُ قاضي شهبةَ يُفتِي به، ولا فرقَ بينَ طولِ المدَّةِ وقصرِها، لكنْ إذا خرجَ الإِقطاعُ عنه انفسختِ الإجارةُ (١).