للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولو حوَّطَ رجلٌ على هذه المَعادنِ وبَنى عليها دارًا أو بُستانًا لَم يَملكِ البُقعةُ لفَسادِ قَصدِه في أحدِ القَولينَ، لتَأديتِه إلى حِرمانِ غيرِه مِنْ الانتِفاعِ.

وفي القولِ الآخرِ: القَطعُ بالملكِ، إلا أنَّه لا يَملكُ بُقعةَ المَعدِنِ بالإِحياءِ معَ علمِه به لفَسادِ قَصدِه؛ لأنَّ المَعدِنَ لا يُتَّخذُ دارًا ولا مَزرعةً ولا بُستانًا أو نحوَها.

ثانيًا: المَعادنُ الباطِنةُ: وهي التي لا يُتوصَّلُ إلى شيءٍ منها إلا بعِلاجٍ وعَملٍ، كالذَّهبِ والفِضةِ والفَيروزجِ والياقوتِ والرَّصاصِ والنُّحاسِ والحَديدِ، وسائرِ الجَواهرِ المَبثوثةِ في طَبقاتِ الأرضِ.

اختَلفَ فيه المَذهبُ: هل يُملَكُ بالإِحياءِ أم لا؟

الأَظهرُ: أنَّه لا يُملَكُ بالإِحياءِ كالمَعدِنِ الظاهرِ، ولأنَّ المَعدِنَ يُشبِهُ المَواتَ، والمَواتُ لا يُملَكُ إلا بالعِمارةِ، وحَفرُ المَعدِنِ تَخريبٌ، ولأنَّ المُحيا ما يَتكرَّرُ الانتِفاعُ به بعدَ عِمارتِه مِنْ غيرِ إِحداثِ عِمارةٍ وعَملٍ آخرَ، فهذا لا يُمكنُ في المَعادنِ لأنَّه لا يُنتفَعُ بها إلا بعملٍ مُتجدِّدٍ في كلِّ شيءٍ يَأخذُه.

ولأنَّه لو ملَكَه لجازَ بَيعُه، وبَيعُه لا يَجوزُ لأنَّ المَقصودَ منه مَجهولٌ.

والثانِي: يُملَكُ إلى القَرارِ-وهو قولُ أَبي حَنيفةَ-؛ لأنَّه لا يُتوصَّلُ إلى نَيلِه إلا بتَعبٍ ومَؤنةٍ، فأشبَه المَواتَ إذا أُحيِيَ، ولأنَّه أرضٌ غيرُ مَملوكةٍ لا يُتوصَّلُ إلى مَنفعتِها إلا بنَفقةٍ ومَؤونةٍ، فيُملَكُ بالإِحياءِ كالمَواتِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>