للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد رُويَ عن طاوسٍ عن النَّبيِّ أنَّه قالَ: «عادِيُّ الأرضِ للهِ ولِرَسولِه، ثُم هو بعدُ لكم» (١).

فوجهُ الدليلِ مِنْ الخبَرِ أنَّ النَّبيَّ أضافَ المَواتَ إلى اللهِ لا على سَبيلِ أنَّه يَملكُها لأنَّه مالكٌ لها ولغيرِها، وإنَّما أضافَها إلى اللهِ تَعالَى تَشريفًا لها؛ لأنَّها تُملَكُ بغيرِ عِوضٍ ولا عن مالكٍ، كما أضافَ خُمسَ الغَنيمةِ إليه لِشرفِه؛ لأنَّه يُملَكُ بغيرِ عِوضٍ ولا عن مُملّكٍ؛ لقولِه تَعالَى: ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ [الأنفال: ٤١]، فلمَّا لَم يَكنِ للكافرِ حقٌّ في خُمسِ الغَنيمةِ فكذلك في المَواتِ في بلادِ الإِسلامِ، وإنَّما لم يُضفِ الزكاةَ إليه؛ لأنَّها أَوساخُ الناسِ، ثُم قالَ: «ثُم هو بعدُ لكم» وهذا خَطابُ للمُسلِمينَ.

حتى لو أذِنَ له الإمامُ لَم يَملِكْها؛ لأنَّه استِعلاءٌ وليسَ له أنْ يَستعليَ في دارِ الإِسلامِ، وللمُسلمِ أنْ يَأخذَه منه ويَملكَه إنْ أَحياه وإنْ لم يَأذنْ له فيه الإمامُ، فإنْ كانَ فيه عينٌ له كزَرعٍ رَدَّه المُسلمُ إليه، فإنْ أعرَضَ عنه فهو لبَيتِ المالِ وليسَ لأحدٍ التصرُّفُ فيه، ولا أجرةَ عليه مدَّةَ إِحيائِه، لأنَّه ليسَ ملكًا لأحدٍ.

لكنْ يَجوزُ له وللمُستأمِنِ الاحتِطابُ والاحتِشاشُ والاصطِيادُ ونَقلُ التُّرابِ (٢).


(١) حَدِيثٌ ضَعِيفٌ: رواه أبو عبيد في «الأموال» (٦٧٤)، والبيهقي في «الكبرى» (١١٥٦٤).
(٢) «البيان» (٧/ ٤٨١)، و «روضة الطالبين» (٤/ ٩٨)، و «النجم الوهاج» (٥/ ٤٠٩)، و «كنز الراغبين» (٣/ ٢١٤)، و «مغني المحتاج» (٣/ ٤٢٧)، و «تحبير المختصر» (٤/ ٦٢٩)، و «الإنصاف» (٦/ ٣٥٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>