للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قالَ الحَنفيةُ -كما في «الإسْعَاف» -: لا يُولَّى إلا أمينٌ قادِرٌ بنَفسِه أو بنائِبِه؛ لأنَّ الوِلايةَ مُقيَّدةٌ بشَرطِ النَّظرِ، وليسَ مِنْ النَّظرِ تَولِيةُ الخائِنِ؛ لأنه يُخلُّ بالمَقصودِ، وكذا تَولِيةُ العاجِزِ؛ لأنَّ المَقصودَ لا يَحصلُ به، ويَستوِي فيهِ الذَّكرُ والأُنثى، وكذا الأَعمَى والبَصيرُ، وكذا المَحدودُ في قَذفٍ إذا تابَ؛ لأنه أمينٌ (١).

وقالَ المالِكيةُ: الناظِرُ على الحَبسِ إذا كانَ سَيِّئَ النَّظرِ غيرَ مَأمونٍ فإنَّ القاضيَ يَعزِلُه، إلَّا أنْ يَكونَ المُحبَّسُ عليه مالِكًا أمْرَ نَفسِه ويَرضَى به ويَستمرُّ (٢).

وقالَ الشافِعيةُ: يُشترطُ في الناظِرِ الكِفايةُ لِما يَتولَّاهُ مِنْ نَظرٍ عامٍّ أو خاصٍّ، وهي قُوَّةُ الشَّخصِ وقُدرَتُه على التَّصرُّفِ فيما هو ناظِرٌ عليه، أو الاهتِداءُ إلى التَّصرُّفِ الذي فُوِّضَ له؛ قِياسًا على الوَليِّ والقَيِّمِ؛ لأنها وِلايةٌ على الغَيرِ، فاشتُرطَتْ.

فإنِ اختَلَّتْ نزَعَ الحاكِمُ الوَقفَ منه وإنْ كانَ المَشروطُ له النَّظرُ الواقفَ.

قالَ الخَطيبُ الشِّربينِيُّ : وقَضيةُ كَلامِ الشَّيخينِ أنَّ الحاكِمَ يَتولَّاهُ استِقلالًا فيُولِّيهِ مَنْ أرادَ، وأنَّ النَّظرَ لا يَنتقِلُ لمَن بعدَه إذا شرَطَ الواقفُ النَّظرَ لإنسانٍ بعدَ آخَرَ، أي: إلا أنْ يَنُصَّ عليه الواقفُ كما قالَه السُّبكيُّ وغَيرُه، فإنْ زالَ الاختِلالُ عادَ نَظرُه إنْ كانَ مَشروطًا في الوَقفِ مَنصوصًا


(١) «الإسعاف» ص (٤٩)، و «البحر الرائق» (٥/ ٢٤٤)، و «ابن عابدين» (٤/ ٣٨٠).
(٢) «مواهب الجليل» (٧/ ٤٩٩)، و «حاشية الدسوقي» (٥/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>