لأنه في معنى المُنقطعِ، قالَ الحارِثيُّ: وإنَّما لم يُرصَدْ لِما فيهِ مِنْ التعطُّلِ، فيُخالِفُ المَقصودَ، ولو توقَّعَتِ الحاجةُ في زَمنٍ آخَرَ ولا رَيعَ يَسُدُّ مَسدَّها لم يُصرَفْ في غيرِها؛ لأنَّ الأصلَ الصَّرفُ في الجِهةِ المُعيَّنةِ، وإنَّما سُومِحَ بغَيرِها حَيثُ لا حاجةَ حَذرًا مِنْ التَّعطلِ، وخَصَّ أبو الخطَّابِ والمَجدُ الفُقراءَ بفُقراءِ جِيرانِه؛ لاختِصاصِهم بمَزيدِ مُلازَمتِه والعِنايةِ بمَصلحتِه.
قالَ الحارِثيُّ: والأولُ أشبَهُ.
قالَ الشيخُ -يَعني ابنَ تَيميةَ-: يَجوزُ صَرفُ الفاضِلِ في مِثلِه وفي سائِرِ المَصالحِ وفي بناءِ مَساكِنَ لمُستحِقِّ رَيعِه القائمِ بمَصلحتِه.
وفَضلُ غَلةِ مَوقوفٍ على مُعيَّنٍ استِحقاقُه مُقدَّرٌ مِنْ الوَقفِ بتَعيُّنِ أرصادِه، ذكَرَه القاضي مُحمدٌ أبو الحُسيْنِ، واقتَصرَ عليه الحارِثيُّ، قالَ: وأمَّا فَضلُ غَلةِ المَوقوفِ على مُعيَّنٍ أو مُعيَّنينَ أو طائِفةٍ مُعيَّنةٍ فتَعيَّنَ إرصادُه، ذكَرَه القاضي أبو الحُسينِ في فَضلِ غَلةِ المَوقوفِ على نَفقةِ إنسانٍ، وإنَّما يَتأتَّى إذا كانَ الصَرفُ مُقدَّرًا، أمَّا عند عَدمِ التَّقديرِ فلا فضْلَ؛ إذِ الغَلةُ مُستغرَقةٌ، قالَ في «الإنْصَاف»: وهو واضِحٌ، وقطعَ به في «المُنتَهى».
وقالَ الشَّيخُ: إنْ عَلِمَ أنَّ رَيعَه يَفضلُ دائِمًا وجَبَ صَرفُه؛ لأنَّ بَقاءَه فَسادٌ له وإعطاؤُه -أي المُستحِقِّ- فوقَ ما قَدَّرَ له الواقفُ جائزٌ؛ لأنَّ تَقديرَه لا يَمنعُ استِحقاقَه، قالَ: ولا يَجوزُ لغَيرِ الناظرِ صَرفُ الفاضِلِ؛ لأنه افتِياتٌ على مَنْ له وِلايتُه، قلتُ: والظاهِرُ لا ضَمانَ كتَفرِقةِ هَديٍ وأُضحيةٍ.