للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقَولُ صاحِبِ «الفُرُوع»: والمُرادُ مع اتِّحادِ الواقفِ ظاهِرٌ في أنه لا يَجوزُ عِمارةُ وَقفٍ مِنْ رَيعِ وَقفٍ آخَرَ ولو اتَّحدَتِ الجِهةُ.

وقد أفتَى الشَّيخُ عُبادةُ مِنْ أئمَّةِ أصحابِنا بجَوازِ عِمارةِ وقفٍ مِنْ وقفٍ آخَرَ على جِهتِه، ذكَرَه ابنُ رَجبٍ في «طَبَقاتِه» في تَرجَمتِه.

قلتُ: وهو قَويٌّ، بل عَملُ الناسِ عليه.

لكنْ قالَ شَيخُنا في «حَواشي الفُروعِ»: إنَّ كَلامَه في «الفُروع» أظهَرُ.

وقالَ الحارِثيُّ: وما عَدا المَسجدَ مِنْ الأوقافِ يُباعُ بَعضُه لإصلاحِ ما بَقيَ (١).

وجاءَ في «مُنتَهى الإراداتِ» وشَرحِه لابنِ قائِدٍ: ولا يُعمَّرُ وَقفٌ مِنْ آخَرَ، وأفتَى عُبادةُ (٢) بجَوازِ عِمارةِ وَقفٍ مِنْ رَيعٍ آخَرَ على جِهتِه. المُنقِّحُ: وعليهِ العملُ.

قَولُه: (ولا يُعمَّرُ وَقفٌ … إلخ) هذا مُفرَّعٌ على ما تقدَّمَ مِنْ اشتِراطِ اتِّحادِ الواقفِ، فمَتى كانَ على إنسانٍ مثلًا دارانِ وقَفَ إحداهُما عليه زيدٌ والأُخرى وقَفَها عليه عَمرٌو لم تُعمَّرْ إحداهُما مِنْ الأُخرى، وهذا ظاهِرٌ إنْ كانَ المُرادُ: «لا يُعمَّرُ وَقفٌ مِنْ عَينِ وَقفٍ آخَرَ» أي: لا يُباعُ في تَعميرِه -كما


(١) «الإنصاف» (٧/ ١٠٤، ١٠٥).
(٢) أبو مُحمدٍ عُبادةُ بنُ عَبدِ الغنيِّ بنِ مَنصورٍ الحرَّانِيُّ الدِّمشقيُّ، فَقيهٌ مُفتٍ، وكانَ يلي العُقودَ والفُسوخَ، ويُكثِرُ الكِتابةَ في الفَتاوى (ت ٧٣٩). «ذيل طبقات الحنابلة» (٢/ ٤٣٢، ٤٣٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>