بذلكَ وبأكثَرَ منه، قالَ ابنُ الرِّفعةِ: فأشعَرَ هذا الكَلامُ مِنْ ابنِ دَقيق العيدِ برِضاهُ، قالَ في «التَّوسُّط»: قالَ السُّبكيُّ: وكانَ هذا الرَّجلُ قُدوةَ زَمانِه في العِلمِ والدِّينِ، فلذلكَ اغتَبطَ بما استَشعرَهُ مِنْ رِضاهُ بذلكَ، وكانَ بحَيثُ يُكتفَى منه بدونِ ذلكَ.
قالا -أعني الأذرَعيَّ في «التَّوسُّط» والزَّركشيَّ في «الخادِم» -: قالَ السُّبكيُّ: والذي أرَاهُ في ذلكَ الجَوازُ بشَرطينِ، هذه عِبارةُ «التَّوسُّط»، وعِبارةُ «الخادِم»: بثَلاثةِ شُروطٍ:
أحَدُها: أنْ يَكونَ يَسيرًا لا يُغيِّرُ مُسمَّى الوَقفِ.
الثاني: ألا يُزيلَ شيئًا مِنْ عَينِه، بل يَنقلُ بَعضَه مِنْ جانِبٍ إلى جانِبٍ، فإن اقتَضى زَوالَ شيءٍ مِنْ العينِ لم يَجُزْ؛ لأنَّ الأصلَ الذي نَصَّ الواقفُ -ووقَعَ في بَعضِ نُسخِ «الخادِم»«الشارعُ» وهو تَحريفٌ- على جِنسِه تَجبُ المُحافَظةُ عليه، زادَ في «التَّوسُّط»: وهو العَينُ والرَّقبةُ، وهي مادَّةُ الوَقفِ وصُورتُه المُسمَّاةُ مِنْ دارٍ أو حَمَّامٍ أو نَحوِهما، فيَجبُ المُحافَظةُ على إبقاءِ المادَّةِ والصُّورةِ وإنْ وقَعَ التَّسمُّحُ في بَعضِ الصِّفاتِ، واستَندَ إلى ما سبَقَ عن «فَتاوى القَفَّالِ» في حانوتِ الحدَّادِ.
الثالثُ: أنْ يَكونَ فيهِ مَصلحةٌ للوَقفِ، وعلى هذا ففَتحُ شُبَّاكِ الطَّبرسيةِ في جِدارِ الجامِعِ الأزهَرِ لا يَجوزُ؛ إذْ لا مَصلحةَ للجامِعِ فيهِ، وكذلكَ فَتحُ أبوابِ سَطحِ الحَرَمِ المَكِّيِّ لا حاجةَ للحَرمِ بها، وإنَّما هي لمَصلحةِ ساكِنيها، فلهذا لا تَجوزُ.