للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالجَوازِ، على أنَّ الإمامَ لمَّا حَكى الخِلافَ في المُشرِفةِ عَزَا للأكثَرينَ المَنعَ، فقالَ: ومِمَّا يَتَّصلُ بهذا الأصلِ أنَّ مَنْ وقَفَ دارًا فأشرَفَتْ على الخَرابِ وعَرَفْنا أنها لو انهدَمَتْ عَسُرَ رَدُّها وإقامَتُها ذهَبَ الأكثَرونَ إلى مَنعِ البَيعِ، وجوَّزَه مُجَوِّزونَ. اه، وعليه اعتَمدَ الرافِعيُّ في حِكايةِ الخِلافِ في المُشرِفةِ، لكِنَّه زادَ في الإلباسِ، فاقتَضَى كَلامُه تَصحيحَ الجَوازِ فيها وفي المُنهَدِمةِ، وأمَّا حِكايتُه الخِلافَ في المُنهدِمةِ فكأنهُ إذا جازَ بَيعُ المُشرِفةِ على رَأيٍ فبَيعُ المُنهدِمةِ أَولَى، وقالَ السُّبكيُّ وغَيرُه: إنَّ منْعَ بَيعِها هو الحَقُّ، ولأنَّ جَوازَه يُؤدِّي إلى مُوافَقةِ القائِلينَ بالاستِبدالِ، ويُمكِنُ حَملُ كَلامِ القَائلِ بالجَوازِ على البِناءِ خاصَّةً كما أشارَ إليه ابنُ المُقرِي في «الرَّوض» بقَولِه: «وجِدارِ دارِه المُنهدِمِ»، وهذا الحَملُ أسهَلُ مِنْ تَضعيفِه (١).

وقالَ ابنُ قُدامةَ : وقالَ مالكٌ والشَّافِعيُّ: لا يَجوزُ بَيعُ شيءٍ مِنْ ذلكَ؛ لقَولِ رَسولِ اللهِ : «لا يُباعُ أَصلُها ولا تُبتاعُ ولا تُوهَبُ ولا تُورثُ»، ولأنَّ ما لا يَجوزُ بَيعُه مع بَقاءِ مَنافعِه لا يَجوزُ بَيعُه مع تَعطُّلِها كالمُعتَقِ، والمَسجدُ أشبَهُ الأشياءِ بالمُعتَقِ (٢).

وقد تقدَّمَ الكَلامُ عليهِ في حُكمِ بَيعِ الوَقفِ.


(١) «فتاوى الرملي» (١/ ٣٥٦، ٣٥٧).
(٢) «المغني» (٥/ ٣٦٨، ٣٦٩)، و «الشرح الكبير» (٦/ ٢٤٢، ٢٤٣)، و «المبدع» (٥/ ٣٥٦)، و «الإفصاح» (٢/ ٤٨)، و «الإنصاف» (٧/ ١٠٠، ١٠٤)، و «كشاف القناع» (٤/ ٣٥٢، ٣٥٤)، و «شرح منتهى الإرادات» (٤/ ٣٨٣)، و «مطالب أولي النهى» (٤/ ٣٧٠)، و «الروض المربع» (٢/ ١٧٨)، و «منار السبيل» (٢/ ٣٤١، ٣٤٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>